العلامة التجارية من أهم الموجودات المادية للشركة، وقد تدر لها ثروة وربحا كبيرا إذا فكرت في بيعها. وبسبب الشهرة المكتسبة والمنتشرة لأي من العلامات التجارية، فإنها قد تتعرض للسرقة أو لسوء الاستخدام بواسطة المحتالين المجرمين، ولذا يجب أخذ الحذر.
من الملاحظ أن سرقة أو استخدام العلامة التجارية بسوء نية يحدث كثيرا في هذه الأيام، وهناك من يترصد ويعمل لاستغلال علامتك التجارية بسوء نية للحصول على تعويض مادي. وفي الكثير من الأوقات تتصل هذه الجهات الإجرامية، مع صاحب العلامة وتعرض عليه التفاوض لشراء علامته التجارية التي قاموا بسرقتها وتسجيلها في اسمهم.
والعلامات التجارية الشهيرة، بالطبع، لم تأتِ من فراغ بل ظهرت بسبب جهد وعرق وولاء أصحابها وإبداعهم الخلاق، وبسبب هذا فإنها تجلب المنافع الكثيرة و “الشهرة” لأصحابها؛ لأن الجميع يعرفها ويعطيها قيمة مادية كبيرة. هذا إضافة إلى أن شهرة العلامة من الأسباب المباشرة في زيادة المبيعات، حيث يتم الإقبال على المنتجات دون تردد وبانجذاب غريب. وكما قال أحد خبراء التسوق و “البراندينق”، عندما نتحدث عن “فيراري” مثلا فإننا وبأي حال من الأحوال لا نقصد “السيارة” بعينها، بل نقصد “ذلك الحلم الجميل وخيال الشهرة الواسع” المرتبط بهذا الاسم وهذه العلامة وقيمة من يمتلك ويقود هذه “الفيراري” ذات الاسم المعروف للجميع. وهكذا للعلامات والأسماء التجارية المشهورة سحرها ورونقها وجذبها للجميع كالمغناطيس. ولكن، هذه الشهرة قد تنقلب من نعمة إلى نقمة، خاصة عندما يفكر ضعاف النفوس في استغلال هذا الاسم أو العلامة التجارية لمصلحتهم الخاصة خصما على حساب صاحبها الأصلي. وهكذا “للشهرة” أوجه عدة، ولها ثمن إيجابي أو سلبي.
ولكن من الناحية القانونية توجد بعض المشكلات، منها مثلا أن الحماية القانونية في العادة تعطي داخل البلد للشركة صاحبة العلامة أو الاسم التجاري التي قامت بتسجيلهما وفق المتطلبات القانونية، وهذا المبدأ “الإقليمي” يخرج العلامات التجارية “الشهيرة” والأجنبية من الحماية داخل البلد؛ لأنها غير مسجلة فيه وفق القانون المحلي الوطني. إضافة لهذا، فإن معظم القوانين الوطنية لا تتضمن أو لا تشير بصورة قاطعة لمعنى أو مفهوم أو معيار الشهرة، وما هو المقصود تحديدا بالعلامة التجارية “المشهورة”، وهذا قد يعتبر نقصا في القوانين المعنية وفراغا من المستحسن تكملته، خاصة أن الاتفاقيات الدولية المنظمة لهذه الأمور تتضمن ما يفيد بخصوص تحديد وتعريف معنى ومعيار الشهرة.
وإذا رجعنا لاتفاقية “تريبس - اتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية” نجد ما يقود لتحديد مفهوم أو معيار “الشهرة” حيث النص الآتي: “عند تقرير ما إذا كانت العلامة التجارية “معروفة جيدا” تراعي البلدان الأعضاء (في اتفاقية تريبس) مدى معرفة العلامة التجارية في قطاع الجمهور المعني بما في ذلك معرفتها في البلد العضو نتيجة ترويج تلك العلامة... الخ”. ومن هذا يتبين أن اتفاقية “تريبس” تنادي الدول الأعضاء بمراعاة العلامة التجارية المشهورة خاصة عندما تكون معروفة في قطاع الجمهور المعني. وتم لاحقا توسيع مجال “الجمهور المعني” ليشمل كل مستهلك وكل موزع وكل فرد من الأوساط التجارية التي تتعامل مع العلامة المشهورة في السلع أو الخدمات... وطبعا الدول الأعضاء ملزمة بما ورد في الاتفاقية الدولية، وهذا ينطبق عالميا؛ لأن كل الدول تقريبا منضوية تحت لواء اتفاقية “التريبس” التي أبرمت خصيصا من أجل حماية حقوق الملكية الفكرية المرتبطة بالنواحي التجارية.
وعند الالتزام بأحكام اتفاقية “تريبس” يتم إصباغ الحماية القانونية المطلوبة للعلامة التجارية المشهورة، على الرغم من أنها غير مسجلة في البلد، أي يتم كسر مبدأ “الإقليمية”. وبموجب هذه الحماية العامة لا يجوز لأي شخص وفي أي مكان القيام بتسجيل العلامة التجارية المشهورة، وإذا تم ذلك يبطل تسجيلها عند الضرورة، وكذلك يحظر ويمنع استعمالها بأي وجه؛ لأنها تعتبر العلامة الخاصة بشخص آخر يتمتع بالحماية الواردة في الاتفاقية. ولكن، كما ذكرنا أعلاه، من المستحسن إدراج النصوص الحمائية للعلامات التجارية المشهورة في القوانين الوطنية في كل بلد على أن يتم ذلك بصورة واضحة وشفافة من أجل حماية حقوق الملكية الفكرية تشجيعا لها وعرفانا بدورها المهم.