رغم أنّ معضلة كبرى بحجم البحرنة تستأثر باهتمام المجلس النيابيّ في جميع الدورات، ورغم المداخلات الساخنة حولها، إلاّ أنّ الواقع أنه لا توجد خطوات جدية تبشر بأنها في طريقها إلى الحل.

أن تعلن جهة وزارية أن نسبة البحرنة بلغت ما يفوق السبعين أو الثمانين في المئة، فهذا بلا شك مؤشر إيجابيّ يدفعنا إلى التفاؤل، لكن أن تعلن جهات حكومية أخرى أنه ليس بإمكانها بحرنة وظائفها قبل خمس سنوات أو أكثر فهذا يشكل مأساة حقيقية.

أما المعضلة الأكبر والأدهى أن نجد بين العاطلين من حملة المؤهلات العليا كالماجستير.. إنّ هذا يستدعي من كل الجهات التكاتف وإيجاد حلول عاجلة، فقبيل سنوات ليست بعيدة أعلن شاب يحمل الماجستير عن تقديم ألف وخمسمئة دينار لمن يساعده في الحصول على وظيفة، ولا أظن أنّ هذه الحالة محصورة في فرد، رغم أنها ليست مشكلة من الممكن التقليل من أهميتها لكنها للأسف تشمل العشرات وفي جميع التخصصات.

هل المعضلة تكمن في أنّ مخرجات التعليم لا تتوافق مع متطلبات واحتياجات سوق العمل؟ أم أنّ هناك وظائف تسيطر عليها فئة من الأجانب والذين قدر عددهم بما يناهز سبعة آلاف في القطاع الحكومي وحده؟

التصريح الذي أدلى به وزير التربية والتعليم بعد اجتماعه مع وزير العمل قبل أيام حول “وجود تخصصات سببت تراكما في عدد العاطلين ووجود جامعات مخرجاتها سريعة التوظيف وأخرى ليست كذلك”، يكشف عن خلل مزمن في التخطيط المستقبلي لسوق العمل. والرؤية كما أعلن عنها تتجه إلى إغلاق بعض التخصصات أو تقليل طلبتها. وكنا نتمنى لو كانت هناك اجتماعات دورية بين المسؤولين في الوزارتين لتفادي تضخم مشكلة الباحثين عن عمل إلى سنوات.

المعضلة في تصور الأغلبية أنّها تكمن في تفضيل الكثير من الشركات والمؤسسات للأجانب على المواطن، وهذا يتجسد بشكل خاص في المستشفيات الخاصة، حيث الملاحظ أن أعداد الأجانب تفوق البحرينيين، علما أنّ هناك أطباء بحرينيين عاطلين. الأدهى والأمر أنّ هناك وظائف ليست بحاجة إلى خبرات يشغلها الأجانب حتى اللحظة فكيف تم توظيفهم مع بقاء المئات من أبناء الوطن كان من الممكن إحلالهم فيها.

كاتب وتربوي بحريني