العدد 5301
الخميس 20 أبريل 2023
banner
مجـرد رأي كمال الذيب
كمال الذيب
لماذا لا نصدقهم؟!
الخميس 20 أبريل 2023

بالرغم من الأهمية البالغة للدفاع عن حقوق الإنسان، باعتبارها قضية نبيلة وإنسانية وأخلاقية، يستحق المشتغلون بها بصدق، كل التقدير والاحترام، فإن المتابع لبعض التقارير الدورية الصادرة في الغالب عن بعض البلدان الموصوفة بالديمقراطية يجد صعوبة كبيرة في تصديقها وفي مدى صدقيتها، بسبب ما تقوم به تلك الدول نفسها من أفعال مناقضة لمبادئ حقوق الإنسان، فمن يحتفظ بسجناء خارج القانون الإنساني من دون محاكمة لسنوات طويلة، لا يمكنه أن يتحدث عن حقوق الإنسان، ومن يشترك في تدمير الأرض والحرث والقضاء على مظاهر الحياة في أكثر من مكان، لا يمكن أن تكتسي تقاريره الدورية بأية مصداقية يمكن أن نثق بها. فلا أحد يمكن أن يقبل تلك السردية عن الحقوق بالتوازي مع الوحشية التي مارستها تلك الدول.
لا يمكن أن ننسى المعاملة غير الإنسانية للسجناء، وفتح النار على الحشود في عدد من المدن، منها بغداد والفلوجة، ترجمة لمنطق القوة المصابة بغرور يعود في جذوره إلى مفهوم للحياة هو بمثابة نفي للمجتمع الإنساني نفسه.. فتلك الصور لا يمكن أن تحيل على من يتحدث عن الحرية والديمقراطية!
إن مثل تلك التقارير مقارنة بالأفعال على الأرض تؤشر إلى حالة من الفصام السياسي والأخلاقي، وهي ذاتها التي درجت على دعم الديكتاتوريات عبر التاريخ الحديث والمعاصر، وتآمرت على أنظمة وطنية في أكثر من بلد في العالم، وساعدت على الانقلاب على الشرعية التي لا يروقها نظامها، وتبرير التدخل في الشؤون الدّاخلية للدول تحت عنوان “الدفاع عن حقوق الإنسان” في زمن صارت توفّر فيه هذه السوق الذرائع الأخلاقية لسلب الشعوب حريّاتها وأبسط حقوقها في التصرف في شؤونها وحل مشكلاتها بنفسها، من خلال تغذية أسباب الفرقة والخلافات والضغائن في صفوف المواطنين، ودعم البدائل الوهمية أو المهلكة لمجرد تبعيتها وارتباطها بأعداء معلنين وغير معلنين، تتنكر لمصالح أوطانها.
لا تزال ذاكرات العيد من شعوب العالم تحمل صورا مؤلمة للآثار المدمّرة للتدخّل الأجنبي مهما كانت أشكاله ومهما أخفى أطماعه. حتى إن كان تحت عنوان حقوق الإنسان.
كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية