العدد 5237
الأربعاء 15 فبراير 2023
banner
بايدن والطريق إلى الولاية الثانية
الأربعاء 15 فبراير 2023

استمع العالم فجر الثلاثاء الماضي إلى خطاب حالة الاتحاد الثاني، والذي ألقاه الرئيس الأميركي، جوزيف بايدن، في صيغة تصالحية وتسامحية، حاول فيها فتح المسارات وتمهيد المساقات للتعاون بين الجمهوريين والديمقراطيين، رغم الخلافات الواسعة والشاسعة القائمة بين الحزبين الكبيرين.
تساءل الأميركيون.. هل كان الكاتب الأميركي الشهير "ديل كارنيجي"، هو محفز بايدن على هذا الخطاب، حيث بات جليا أن الرئيس الديمقراطي، مضى مطبقا ما ورد في كتاب "كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس"؟ 
أظهر بايدن قدرة واضحة على تسليط الأضواء على الإنجازات، لاسيما تحسن الأحوال الاقتصادية، وخلق الوظائف، والرعاية الصحية. المثير أنه وقبل الخطاب بقليل، كان نحو 75 % من الأميركيين يرون أن البلاد تسير في الاتجاه الخاطئ، كما أن أغلبية الديمقراطيين كانوا قد عقدوا عزمهم على عدم ترشيح بايدن لولاية ثانية، غير أن بايدن الذي تودد بالمزايا الحسنة لدى الحزب المنافس، أظهر أنه كما جرى تعاون بين الديمقراطيين والجمهوريين في الكثير من القضايا السابقة، فإنه من الممكن مستقبلا أن يمتد هذا التعاون. ما ألمح إليه بايدن هو أن هناك فرصا لتقوية الجسور بين الأميركيين وبعضهم البعض، وعدم التوقف عند نقاط الاشتباك التي مزقت النسيج المجتمعي الأميركي حتى الساعة. 
في خطاب حالة الاتحاد الأخير لبايدن، رأينا صورة مغايرة بالمرة، عما شاهده العالم في خطاب حالة الاتحاد الأخير، بين الرئيس الجمهوري دونالد ترامب الذي رفض تحية رئيسة مجلس النواب الديمقراطية نانسي بيلوسي، وما كان منها في نهاية الخطاب إلا أن مزقت خطابه، أمام الملأ، ولم تقف تحية له ولا مرة واحدة، كما أنها صفقت له بطريقة مليئة بالسخرية.
بالعكس من ذلك كله، فعلى الرغم من الخلافات بين الحزبين الكبيرين، في الكثير من المسائل الداخلية والخارجية، إلا أننا رأينا احتراما كبيرا بين رئيس مجلس النواب، كيفين مكارثي، والعديد من النواب الجمهوريين، الذين وقفوا وصفقوا مرات عدة لبايدن، تعبيرا عن تقديرهم لفكرة الوصل والتواصل، حتى مع الاختلافات، وعدم رغبته في حرق الجسور مرة واحدة. 
يتساءل البعض ولهم في الحق ألف حق: "هل كان بايدن يقدم ما هو أكثر من مجرد خطاب حالة الاتحاد؟". 
قبل الخطاب بعدة أسابيع راجت أنباء داخل الولايات المتحدة حول عزم بايدن إعلان ترشحه لولاية رئاسية جديدة بحدود الأسبوع الأول من فبراير، أي في توقيت مواكب لخطاب حالة الاتحاد. 
لاحقا بدا واضحا أن بايدن قدم رؤية مجتمعية تسعى في أطر من الوحدة، عوضا عن سياقات التفرقة، ما يحسن موقعه وموضعه في أعين الأميركيين، لا سيما المستقلين. 
خلال حملة انتخابات التجديد النصفي للكونجرس، حذر بايدن ممن وصفهم بـ "المتطرفين الجمهوريين"، لكنه في خطاب حالة الاتحاد صورهم على أنهم شركاء في الحكم.
الذين صاغوا خطاب بايدن الأخير، راجعوا في واقع الحال كثيرا من خطابات الآباء المؤسسين وبنوا عليها، في محاولة لاسترجاع روح الأمة الأميركية دفعة واحدة والدليل على ذلك قوله إن "القتال من أجل القتال، والسعي إلى السلطة من أجل السلطة، والصراع من أجل الصراع، لا يقودنا إلى أي مكان".
بايدن تكلم عن الأمة الوحيدة التي تخرج من الأزمات، في وضع أقوى مما دخلت، مشيرا إلى أن عمودها الفقري هو الطبقة الوسطى.
هل قدم بايدن أوراق ترشحه للأمة الأميركية في هذا الخطاب؟
غالب الظن أنه فعل ذلك، وإن كان عليه أن ينتظر نتائج استطلاعات الرأي ليحسم قراره.

كاتب مصري متخصص في الشؤون الدولية

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية