العدد 5233
السبت 11 فبراير 2023
banner
ليس مسلما
السبت 11 فبراير 2023

صور تدمي القلب لأطفال بين الحياة والموت حشروا تحت ركام منازلهم، وعوائل لقت حتفها بالكامل، وأم حامل وضعت وليدها تحت الأنقاض وأسلمت روحها لبارئها، وأب يندب أطفاله فوق كومة بيته ويناديهم ولا مجيب. إنها القيامة، وقد نُفخَ في الصور، ودُكت الأرض دكا دكا، وجاء ربك والملائكةُ صفا صفا.. والناس كالفراش المبثوث يوم لا يُغني والد عن ولده.. ذهلت كلُ مرضعة عما أرضعت، والناس سكارى وما هم بسكارى، ولكن عذاب الله شديد.
مشاهد الرعب ولقطاتُ الموت تغزو هواتفنا، ونشراتُ الأخبار لا تنفك تبثُ مستجدات الكارثة الإنسانية وتداعياتها، تلك التي حلت على أهلنا في تركيا وسوريا وراح ضحيتها الآلاف بين قتلى وجرحى ومفقودين، شُردت عوائلُ على حين غرة، فقدوا الأحبة والأمان والمأوى والمال والطعام دون سابق إنذار. كل آهةٍ لطفل وندبةٍ لأبٍ وأم هي في قلوبنا جميعاً، تُحرقنا وتسلبُ الهدوء في نفوسنا، وكما تزلزلت الأرض تحت أقدامهم زلزلتنا كذلك؛ فمن أصبح ولم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم،” ومن سمع رجلا ينادي يا للمسلمين فلم يجبه فليس بمسلم”. والإنسانية الحقة هي ما تنبش في دواخلنا قبور مشاعر الحزن والتضامن والتفاعل مع الأحداث المؤلمة.
لا نملك في مثل هذه الظروف سوى أن نهب هبة واحدة لنغيث أحبتنا في سوريا وتركيا، ونمد لهم يد العون والنصرة. إن إغاثة الملهوف وتقديم المعونة سلوك إسلامي أصيل، وخلق رفيع تقتضيه الأخوة الصادقة، وتدفع إليه المروءة ومكارم الأخلاق، وهي واجبٌ ينهض به الجميع، لاسيما القادرون، وعمل من أعمال الخير يتنافس فيه المتنافسون، ولم تألُ مملكتنا الحبيبة جهداً في المسارعة بإرسال المساعدات الإنسانية الأساسية للمنكوبين في سوريا وتركيا. كما ساهمت دول عربية أخرى في تقديم المعونات الغذائية واللوجستية للمتضررين، وأرسلت فرق إنقاذ لانتشال المحاصرين تحت الأنقاض. كل الجمعيات الخيرية في البلدان العربية والإسلامية هبت لنجدة الشعبين الشقيقين، وتضافرت الجهود الفردية لنصرة إخواننا في الدين والخليقة. نحن جميعاً معنيون بالأمر ومسؤولون أمام الله عما قدمنا أو لم نقدم لنصرة الأبرياء المستضعفين في كل مكان بأي شكل كان، فما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله.
* كاتبة بحرينية

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية