العدد 5195
الأربعاء 04 يناير 2023
banner
عن العالم وفيروس “يوم القيامة”
الأربعاء 04 يناير 2023

على عتبات عام جديد، تجد البشرية نفسها أمام مخاوف كارثية، من فيروس شائه جديد، قد لا يذر ولا يبقي، شكل متطور من فيروس كوفيد - 19، وكأن الخليقة لا يكفيها من آلام وقلاقل، ما بين تهديدات بحرب عالمية تتزايد وتيرتها يوما تلو الآخر، ومناخ مصاب بخلل تكتوني، كما تظهره موجات البرد والعواصف الأخيرة، والتي دعت البعض إلى القول إن حديث الاحتباس الحراري خدعة، من النخبة الرأسمالية التي تتلاعب بمقدرات البشر، وصولا إلى الفقاعات الاقتصادية العالمية، القابلة للانفجار، لاسيما فقاعة الديون العالمية الكفيلة بتعطيل النمو العالمي بشكل مخيف.
ما الذي يجري في الصين في هذه الآونة، وهل يمكنه أن يعيد سيرة الأعوام الماضية؟ لم يعد سرا أن هناك فيروسا ينتقل بسرعة كبيرة ورهيبة في الداخل الصيني، ويتفشى بين 1.4 مليار نسمة، فصيلة جديدة أو متحور جديد من كوفيد 19، بات يطلق عليه اسم "يوم القيامة"، في دلالة على بشاعته وشناعته، سيما وأن بعض العلماء يقولون إن فترة حضانته ساعات معدودات وليس أكثر، ما يعني أنه قادر على الفتك بالملايين أو المليارات حال تفشيه عالميا من جديد.
الانتشار الكبير والخطير للمتحور الجديد في الصين، جاء بعد إنهاء القيادة الصينية سياسة صفر كوفيد، والتي تعني فرض إغلاقات صارمة حال ظهور المرض بأية منطقة. هل على البشرية أن تقف عاقدة الأذرع على الصدور، وهي ترى تهديدا مروعا جديدا يوشك أن يخيم فوق سماواتها بأجنحته السوداء؟
الأمر ربما يستدعي منا قراءة للدروس العشرة التي أوردها الكاتب الأميركي الجنسية، الهندي الأصل، فريد زكريا، عن عالم ما بعد الوباء.  في مقدمة كل شيء، الاستعداد للاحتمال الأسوأ، وقد تكون الخبرات التي حازتها الأمم والشعوب في الأعوام الماضية، معينا طيبا لتجنب الأخطاء مرة أخرى. 
هنا قد لا تهم كمية ما تملكه الحكومات من طرق لمكافحة انتشار الفيروس الجديد، حال انتشاره، بل الأهم، هو جودة ما لديها، فلو كان لدى الصين أمصال قوية قادرة على القضاء على الفيروس لما عاد يفتك بها من جديد. 
في السياق عينه ينبغي على دول العالم وضع خطط استباقية، خصوصا بالنسبة لمسارات النقل، واحتياطيات الإمداد من الحبوب والسلع الغذائية، ويكفي التأثيرات السلبية الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية في هذا المجال.
يتوجب على الشعوب أن تعطي ومن جديد الكلمة الأولى للعلماء، وعلى الأفراد الاستماع بيقين، إن أرادوا النجاة من الطوفان القادم لا قدر الله. 
تتبين مرة جديدة الأهمية القصوى التي تمثلها قضية البحث العلمي، إذ يبدو أن الإنسانية ستعرف أوبئة عدة في السنوات القادمة، وهذا ما ألمح إليه البليونير الغامض، بيل غيتس، أكثر من مرة، إلى درجة إصداره كتابا خاصا في هذا السياق. 
ربما يتعين على الحكومات، أن تعد خططا أممية للحياة الرقمية، لكي تيسر تعاملات البشر وقضاء شؤونهم، حال لم يكن هناك بد من الإغلاقات من جديد. 
على عتبات عام جديد، تبدو البشرية أمام تساؤل جوهري وجذري: "هل نحن إخوة في مواجهة الهول الأعظم، أم أننا فرق متصارعة"؟ 
في مواجهة فيروس "يوم القيامة "، تبقى الأخوة الإنسانية والتعاون والتعاضد ما بعد العولمي هي الحل.

 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية