العدد 5181
الأربعاء 21 ديسمبر 2022
banner
عن الحرب العالمية والصراعات المعلوماتية
الأربعاء 21 ديسمبر 2022

على عتبات نهاية عام، وبداية عام ميلادي جديد، يبقى تساؤل الحروب قائما، وسيف النزاع الكوني مسلطا على رقاب البشرية، سيما في ظل تصاعد المواجهة الروسية – الأوكرانية في الأسابيع القليلة الماضية.
"هل سنشهد حربا عالمية عما قريب؟"، هذا هو التساؤل القائم على الألسنة في الوقت الحاضر، غير أنه وبدون تفكير عميق، يكاد المرء يستبعد هذا الطرح، ذلك أن نتيجته معروفة مقدما، وهي الدمار والمرار، والفناء لكل سكان الأرض. ذات مرة وفي النصف الأول من القرن الماضي، سأل البعض العالم الفيزيائي الأميركي الشهير، البرت آينشتاين: "ماذا لو اندلعت حرب عالمية ثالثة؟ كان الجواب، أظن أنني أعرف ماذا سيكون من شأن الحرب الكونية الرابعة، والتي لن يجد وقتها المتقاتلون سوى العصى والأحجار، في كناية عما سيحل بالكرة الأرضية، وما سيعيدها إلى نقطة الصفر في سلم الحضارة الإنسانية.
هل يعني عدم نشوب حرب عالمية تستخدم فيها الأسلحة الذرية، أن البشرية ما عادت تعرف طريقها إلى المواجهات العالمية، والحروب والصراعات الخفية؟ المؤكد أن الجواب يمضي في طريقين: الأول هو الرؤى التحليلية والتفكيكية الاعتيادية، والتي تأخذ في حسبانها تغيرات الأزمنة والأمكنة، وصراع العقول والإرادات. الثاني، ينطلق من التفسير المؤامراتي للتاريخ، ورغم عدم اعتقادنا فيه، إلا أن لدينا قناعة مفادها أنه إن لم يكن التاريخ برمته مؤامرة، فإن المؤامرة موجودة في قلب التاريخ. خذ إليك على سبيل المثال شبكات التواصل الاجتماعي، ومن غير ذكر أسماء بعينها، سيجد المرء أن هناك من يرى دورها مقتصرا على تجميع المعلومات من كل أرجاء الكرة الأرضية، لصالح مجمعات ذات طبيعة سرية، للتحكم في مساقات ومسارات البشرية، لهذا أضحت تلك الشبكات أحد أهم اللاعبين السياسيين في العالم. يرى البعض أن جزءا من الحديث صحيح، لكنه يغفل أمرا مهما للغاية، وهو الإرادة الحرة في تقديم المعلومات، بمعنى أن أحدا لن يعرف عنك، إلا بقدر ما يمكنك أن تقدم عن نفسك، فهل هذه هي الحقيقة المطلقة؟ بالقطع لا، سيما وأن هناك منطقة رمادية ما بين الأبيض والأسود، بمعنى أن السياقات المعلوماتية العالمية اليوم تكاد تسقط جدار الخصوصية، من خلال شبكات ماورائية، باتت تربط البشرية ببعضها.
لم تعد على سبيل المثال موازنات الدول، وعدد سكانها، وأساليب حياتها، من تجارة وصناعة وزراعة، في البر والبحر والجو، قاصرة على أهلها، بل باتت فضاء عاما مستباحا، ضمن سياقات ما بعد الدولة الويستفالية المستقلة. 
خلال أزمة تفشي جائحة كوفيد - 19، سرت قصص وروايات عن شريحة ما، توجد داخل اللقاحات، بهدف التحكم في البشرية. 
وعلى الرغم من الإنكار الأولي المؤكد من القائمين على شركات الأدوية، إلا أن العارفين ببواطن الأمور، والمطلعين على تقرير لوغانو عام 1996، والذين قدر لهم ومنهم كاتب هذه السطور معاينة ألواح جورجيا في الولايات المتحدة الأميركية، قبل أن يصيبها شيء من الدمار مؤخرا، يقطع بأن هناك شبه رؤية فاعلة تجاه عدد سكان الأرض، وحتمية الوصول بهم إلى 2 مليار فقط. 
يقول المثل اللاتيني إن الحقيقة وضع متوسط بين متطرفين، وعليه فإن إنكار وجود متلاعبين بالعقول، ينافي الصدق المطلق، سيما أن حديث الشريحة هذا سوف يعمم عما قريب، لتوضع بها كل المعلومات الشخصية، وبشكل رسمي.
إنها صراعات المعلوماتية، الأشد هولا من الحروب العالمية.

 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية