العدد 5179
الإثنين 19 ديسمبر 2022
banner
مواقف إدارية أحمد البحر
أحمد البحر
لقد تخطيتُ مرحلة الطفولة سيدتي
الإثنين 19 ديسمبر 2022

عندما تسلمتُ السيارة بعد إجراء الصيانة الدورية لها في الوكالة لاحظت اختفاء حمالة المفاتيح أو كما يطلق عليها (الميدالية) والتي حدث أن نسيتها في السيارة عند تركها في كراج تلك الوكالة. عدت إلى الوكالة أسأل عنها وبعد التنقل من مسؤول إلى آخر استقر بي المقام عند مديرة خدمات العملاء. استغربت كثيراً، بل شعرت بأن هذه السيدة ربما تنجح في أية وظيفة ما عدا وظيفتها الحالية فهي بعيدة جداً مهنياً وسلوكياً وفكرياً عن متطلبات هذه الوظيفة. هكذا شعرتُ في لحظتها. أتعرف سيدي القارئ ماذا كان حلها للموضوع؟
أخرجت هذه السيدة من درج مكتبها سيارة صغيرة وقالت لي إن هذه اللعبة هي تعويض لما فقدتُه! نظرتُ إليها باستغراب شديد قائلاً: لقد تخطيتُ مرحلة الطفولة كثيراً سيدتي. يمكنك أن تحتفظي بهذه اللعبة! سيدي القارئ، ماذا سيكون رد فعلك لو كنتَ محلِّي؟
نكرر دائماً المقولة المعروفة: إذا كنتَ تريد النجاح لمؤسستك فالتزم بتطبيق المبدأ الذهبي الذي يقول: وضع الشخص المناسب في المكان المناسب. هذه العبارة لم تأتِ من فراغ بل هي نتاج خبرات وتجارب ممارسي العمل الإداري في بيئات عمل مختلفة. نستذكر في هذا السياق مقولة جاك ويلش المعروفة بأن وضع الشخص المناسب يأتي أولاً وقبل العمل على وضع الإستراتيجيات والأهداف. كما يؤكد جون سي ماكسويل في الشأن ذاته أنه عندما يكون الناس في مكان لا يجيدون فيه تأدية مهامهم لا تأتي الأمور بنهاية جيدة. 
في الحقيقة، وكما يرى بعض ممارسي العمل الإداري، أن الاعتماد الكلي على توفر المهارات فقط لدى الشخص يمكن أن لا يكون بالضرورة صحيحاً، فهناك عنصر آخر قد يوازي هذا في الأهمية أو ربما يتفوق عليه وهو ضرورة توافر التوجه الذهني (attitude) لدى الشخص المراد توظيفه. فالسلوكيات واتجاهات الشخص وثقافته نحو العمل مهم جداً. نعود الآن لتصرف وقرار تلك المسؤولة في معالجة موضوع صاحب هذا الموقف ونستذكر ما قاله هنري فورد: “التفكير هو أصعب عمل وقد يكون هذا هو السبب في أن قليلاً من الناس من ينخرطون فيه”. ثم هل تدرك هذه المسؤولة كم تستثمر مؤسستها في الدعاية والإعلان لتسويق منتجها بينما تسير هي بسلوكياتها في اتجاه معاكس؟ ما رأيك سيدي القارئ؟

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية