العدد 5171
الأحد 11 ديسمبر 2022
banner
صفحة مشرقة من نضالات الإيرانيين
الأحد 11 ديسمبر 2022

يستعيد يوم الطالب صفحات مشرقة من النضال، لتكون أكثر ألقا في زمن الانتفاضة، تومض في أذهان المنتفضين وهم يواصلون احتجاجاتهم المستمرة للشهر الثالث على التوالي، تزيدهم عزيمة، وتحثهم نحو مستقبل خال من الدكتاتوريات التي تحاول إعادة عقارب الساعة إلى الوراء. يأتي يوم الطالب هذا العام مع استعادة الجامعات الإيرانية دورها التنويري الذي اعتادت تأديته قبل أن يسلبه الملالي، لتؤكد من خلال هذه الاستعادة حيوية التفكير لدى الأجيال الشابة من الإيرانيين، وقدرتها على تصحيح الاعوجاجات التي لحقت بالتاريخ، بفعل غدر قوى الظلام الخائفة من النور.
جاءت الصرخة مجددا من جامعة شريف، ليمتد صداها إلى مختلف الجامعات الإيرانية التي تدخل في حالة من القطيعة مع الخضوع لحكم القرون الوسطى، وتجدد تأكيد استعصائها على حكم الولي الفقيه.
يذكّر هذا اليوم المنتفضين الإيرانيين باحتجاجات ومقاومة الطلاب دكتاتورية الشاه، بعد انقلاب 19 أغسطس 1953 على طيب الذكر محمد مصدق، زعيم الحركة الوطنية الإيرانية، حيث واجه الطلاب الأحرار في جامعة طهران بنادق مرتزقة الشاه بصدورهم العارية. عزمت دكتاتورية الشاه بعد ثلاثة أشهر من الإطاحة بالحكومة الوطنية على ترسيخ ديكتاتوريتها، من خلال القضاء على منجزات نضالات الشعب الإيراني، خنق الاحتجاجات، وإسكات النداءات المطالبة بالعدالة، حيث دعا الشاه في تلك المناخات القاتمة ريتشارد ميلهاوس نيكسون، نائب رئيس الولايات المتحدة في ذلك الوقت، لزيارة إيران رسميًا.
احتج الطلاب على الاستعراض السخيف والمخزي للقوة، وفتحت قوات حرس الشاه النار على الطلاب بعد تطويقها الجامعة، لقمع الاحتجاج، ما أدى إلى استشهاد الطلبة “مصطفى بزرك نيا” و”أحمد قندجي” و”مهدي شريعت رضوي” واعتقال آخرين في أجواء من التنكيل بالهراوات والحراب واللكمات والركلات. جرت أعمال القتل والاعتقالات قبل يوم واحد من وصول نيكسون إلى إيران، وحصوله في اليوم التالي على الدكتوراه الفخرية من الجيش المحتل للجامعة، ليتحول ذلك اليوم إلى عنوان للمقاومة والاحتجاج والإضراب وتحدي الدكتاتورية، يتكرس يوما للحرية، يذكر الإيرانيين بالانتفاضة الطلابية، ويظل محل اعتزاز لهم. 
لم يكن هذا اليوم نبتا شيطانيا في تاريخ الإيرانيين، فهو امتداد عقود من النضال الطلابي، تصل جذوره إلى الثورة الدستورية، ليكتمل قرن من النضال ضد نظام الشاه، يتحول فيما بعد إلى أرضية لمواجهة الملالي، وتبقى الجامعة حصنا للمناضلين، مهدا لطلائع الشعب الإيراني، وقلعة دعم لرواد الكفاح والنضال.

كاتبة متخصصة في الشأن الإيراني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية