العدد 5146
الأربعاء 16 نوفمبر 2022
banner
شرم الشيخ... رواق المناخ الأممي المعاصر
الأربعاء 16 نوفمبر 2022

نهار الجمعة القادم، الثامن عشر من شهر نوفمبر، تختتم في مدينة شرم الشيخ المصرية، على ساحل البحر الأحمر، أعمال فعاليات قمة تغير المناخ، والتي يمكن وصفها وعن حق بأنها قمة تاريخية، نجحت فيها مصر المحروسة، قيادة وشعبا، مؤسسات حكومية وجمعيات أهلية، في تقديم نموذج رائد وقدوة، في التنظيم والتنسيق، وفي توجيه أنظار العالم إلى واحدة من أهم، بل ربما أهم قضية، باتت تهدد حياة البشر والحجر في حاضرات أيامنا.
يصبح من المجحف القول إن المسطح المتاح للكتابة، يكفي لإعطاء شهادة شافية وافية عما دار خلال اثني عشر يوما، من ندوات وحوارات، ومن كلمات ومحاورات، شارك فيها نحو 120 رئيس دولة، وأكثر من 30 ألف ناشط. أدرك العالم أن التهديدات النووية المتبادلة، ليست هي السبب الرئيس الذي يمكن أن يفني الكرة الأرضية، بل تدهور الحالة المناخية، بدءا من الاحتباس الحراري، وصولا إلى ذوبان الأقطاب الجليدية، مرورا بالتصحر والجفاف، والهجرات غير المنظمة، والصراعات الحدودية بسبب الموارد الطبيعية، وعليه فإنه يصدق القول ان المشهد أقرب ما يكون إلى نوع من أنواع القنبلة الإيكولوجية، والتي تكاد تنفجر في وجه البشرية دفعة واحدة. 
في كلمته الافتتاحية شدد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي على أهمية التحرك لمعالجة أزمة المناخ المصيرية التي تعتبر أكبر التحديات التي تواجه العالم على الإطلاق. ولعل أنفع وأرفع ما جاء في كلمة الرئيس المضيف للقمة، هو أن الشعوب حول العالم تنتظر من المجتمعين التنفيذ السريع والفعال والعادل لخفض الانبعاثات والاحتباس الحراري، للحد من الكوارث المناخية التي تضرب مختلف مناطق العالم مسببة ضحايا وخسائر ضخمة. هل جاءت قمة شرم الشيخ لتسهم في تحول حياة ملايين البشر نحو الأفضل؟
المؤكد أن ذلك كذلك، وربما من أنجع ما جرى عبرها، هو وضع الأمم الكبرى، الصناعية بنوع خاص، أمام استحقاقات متوجبة عليها، لدعم وعون الدول الصغيرة والفقيرة النامية، تلك التي تدفع أكلاف التلوث البيئي، الناجم عن جشع الدول الرأسمالية، والتي باتت إغراءات المكاسب السريعة، تجعلها تتجاوز الرؤى الإنسانية النبيلة. في قمة جلاسكو في اسكتلندا العام الماضي، ألزمت الدول الغنية في مجموعة السبع، وكذا مجموعة العشرين نفسها بتقديم مساهمات تصل إلى 100 مليار دولار لفقراء العصر، غير أن واقع الحال يشير إلى أن ما جرى تقديمه بالفعل من مبالغ، يثير السخرية، لضآلته رغم أن تلك الأمم هي السبب الرئيس في تلويث الأرض وتهديد مستقبلها.
* كاتب مصري متخصص في الشؤون الدولية

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .