العدد 5139
الأربعاء 09 نوفمبر 2022
banner
إعلان البحرين”... أساس للسلام العالمي
الأربعاء 09 نوفمبر 2022

أربعة أيام عاشتها البحرين الأسبوع الماضي، رسمت للعالم فيها طريقا جديدا للتعايش الإنساني، وأظهرت البحرين مقدار المخزون الحضاري لديها، والذي تجلى في هذه الفسيفساء من البشر، من شعوب العالم المختلفة، ومن المذاهب الدينية والإيمانية المتعددة، هؤلاء الذين تجمعوا تحت راية المنامة الخفاقة، المرتفعة بالمحبات والتي عبدت دربا جديدا للأخوة الإنسانية، من غير محاصصة طائفية، أو مواجهة عرقية.
في مجمع قصر الصخيرات في ساحة الفداء، غرس صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، والبابا فرنسيس، مع الإمام الطيب، شجرة للسلام، وما أجمل الرمز الذي يجيء في وقت تخيم فيه الحروب على سماوات العالم، ويكاد الجميع ينتظر القارعة الكونية. تبدو مخرجات "منتدى البحرين للحوار.. الشرق والغرب من أجل تعايش إنساني"، لحظة تاريخية تفتح مسارب الأمل لإحياء سبل التقارب والتفاهم بين جميع أهل الأديان والمعتقدات، كما أشار جلالة الملك.
من المنامة بدأت مسيرة جديدة، لإحلال التوافق محل الخلاف وإرساء الوحدة محل الفرقة، مسيرة تشد فيها الأيادي على بعضها البعض، بهدف واضح لا يغيب عن أعين أصحاب النوايا الطيبة والطوايا السليمة، وهو بناء مستقبل مزدهر للأجيال القادمة، والقفز على هذه الظروف الاستثنائية التي يأمل الجميع أن تتجاوزها البشرية بأقل الأكلاف من الخسائر، أو من غيرها دفعة واحدة.
من أجمل العبارات التي قيلت في الأيام الأربعة الماضية، ما جاء على لسان فرنسيس الفقير وراء جدران الفاتيكان، بشأن البحرين ورمزها الأشهر، شجرة السنط، والتي تسمى شجرة الحياة. الحبر الروماني الأعظم، المرشد الروحي لنحو مليار وثلاثمئة وخمسين مليون كاثوليكي حول العالم، أشار إلى أن سر بقاء هذه الشجرة على قيد الحياة، يكمن في الجذور التي تمتد عشرات الأمتار في باطن الأرض، وترتوي من مستودعات مياه جوفية. وفي سياق حديثه عن الجذور قال البابا فرنسيس: "مملكة البحرين التزمت البحث عن ماضيها وتعزيزه، الذي يروي قصة أرض في غاية القدم، تدفق عليها الناس منذ آلاف السنين، منجذبين بجمالها الظاهر، خصوصا في ينابيعها الغزيزة بمياهها العذبة، فاشتهرت وكأنها الفردوس. وسميت مملكة دلمون القديمة بـ "أرض الأحياء".. توقف خليفة بطرس كبير الحواريين، أمام عبقرية الموقع الجغرافي للبحرين، وكيف أنه مع الميول والمهارات التجارية للناس هناك، عطفا على بعض الأحداث التاريخية، أعطت البحرين فرصة لتكون نفسها على ملتقى الطرق لإثراء متبادل بين الشعوب. بهذا يظهر أحد أوجه هذه الأرض، والتي كانت دائما مكان لقاء بين شعوب مختلفة".
من قلب البحرين النابض بالمودات لجميع البشرية، ارتفع صوت الإسلام السمح الوسطي، ممثلا في الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر، الرجل الطيب الذي له من اسمه علامة ونصيب، بالإشارة إلى سبب المآسي التي تشهدها بعض دول العالم في حاضرات أيامنا، وهو غياب ضوابط العدالة الاجتماعية، مؤكدا أن الشرق والغرب بحاجة لبعضهما البعض، فالغرب بحاجة إلى حكمة الشرق وأديانه وما تربى عليه الناس من قيم خلقية، ونظرة متوازنة إلى الإنسان والكون، والشرق بحاجة إلى اقتباس علوم الغرب والاستعانة بها في نهضته التقنية والمادية، وعلى الشرقيين النظر إلى الغرب نظرة فيها شيء من التواضع.
يضيق المسطح المتاح للكتابة عن سرد وعرض، معنى ومبنى، "إعلان البجرين"، لكن باختصار غير مخل يمكننا القول، إنه جاء بمثابة "بركة لجميع شعوب الأرض"، وأساس "للسلام العالمي" في الحال والاستقبال.

 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .