العدد 5129
الأحد 30 أكتوبر 2022
banner
إستراتيجية “ممتلكات” وإنعاش هدير محرّكات “ماكلارين”
الأحد 30 أكتوبر 2022

من تألق نجوم الفن غربًا وشرقًا على مسرح الدانة في الصخير، مرورًا بالأداء المالي والتشغيلي القياسي لأكبر مصهر في العالم خارج الصين (البا)، وانتهاءً بتسجيل أعلى صافي ربح منذ ولادتها الأولى قبل أكثر من 15 عامًا، تقف شركة ممتلكات البحرين القابضة على أعتاب مرحلة جديدة من استدامة الاستثمارات المربحة في قطاعات واعدة، بمحفظة قوامها أكثر من 50 شركة تساهم بنحو 18 % من الناتج المحلي الإجمالي، وتوفر أكثر من 12 ألف وظيفة متخصصة في المملكة، وتساهم بـ 100 مليون دينار في الميزانية العامة خلال الفترة 2017 - 2021. 
18.3 مليار دولار أميركي هو إجمالي ما تديره “ممتلكات” حاليًا من أصول، ما يجعلها تحتل المرتبة العاشرة ضمن أكبر 10 صناديق سيادية في الوطن العربي، والمركز 41 عالميا بحسب معهد صناديق الثروة السيادية SWFI للعام 2022، وذلك بعد أن كانت في المركز الثامن عربيا و38 عالميا في تصنيف 2021 بإجمالي أصول مدارة 17.5 مليار دولار أميركي، أي تراجع تصنيف صندوق الثروة السيادي البحريني رغم نمو قاعدة موجوداته نتيجة النمو المتسارع لأصول صناديق في آسيا ودول أوقيانوسيا، إلى جانب المؤسسة الليبية للاستثمار و5 صناديق سيادية إماراتية، ولا ننسى بالطبع عملاقَي الكويت والسعودية KIA وPIF اللذين تتجاوز محفظتهما مجتمعان 1.3 تريليون دولار. 


إستراتيجية الاستثمار الجديدة لممتلكات تحمل بين طياتها الكثير من الاطمئنان الاستثماري، مع التركيز على نموذج الملكية الفعالة لاستخراج القيمة من أصول المحفظة من خلال الإدارة التشاركية والتمثيل الفعال ضمن مجالس الإدارة وتقديم الخبرات الإستراتيجية، لتشمل عناصر المحفظة الرئيسة الأربعة، وهي الاستثمارات الإستراتيجية والاستثمارات المحلية والاستثمارات الحكومية وإدارة الأصول الدولية، لتكون ممتلكات مستثمرًا نشطا ومساهما فعالا ومدير أصول مبتكر لتحسين أداء الشركات المنضوية تحت مظلتها والتخطيط لمستقبل أكثر ربحية واستدامة بأفضل الممارسات العالمية. 
ثمة تركيز ملحوظ على الاستثمارات المحلية كما هو الحال بإقامة مسرح الدانة الذي بدأ يقطف ثماره مبكرًا ليكون رافدا مهما من روافد قطاع الترفيه، والذي يجاري بشراسة النهضة الترفيهية الضخمة في الجارة الكبرى المملكة العربية السعودية، ودراسة إقامة مشروع “ساوث سيتي” في محيط الدرة والذي سيحوي على مدينة ملاهي وفندق ومركز تسوق يساند نماء القطاع السياحي. والسعي كذلك لزيادة حصة استثمارات الأمن الغذائي والزراعي في محفظة ممتلكات البالغة حاليا 6 % فقط، وذلك عن طريق دراسة إقامة شركة أغذية قابضة والاستثمار في تقنية الزراعة من دون تربة ودعم المزارعين البحرينيين بمشروعات مبتكرة. إضافة إلى إقامة مصانع أدوية وإعادة إحياء شركات بحرينية لها تاريخ عريق على غرار شركة الظاعن للقوارب. 
“ممتلكات” تملك مقومات النجاح بفرق إدارة أصول واستثمارات متمرّسة في عملها قادرة على التفكير “خارج الصندوق”، ولكن ثمّة مشروعات لابد من أن نسلط الضوء عليها، والتي تمرّ بعثرات ولها تأثيرها المستقبلي على الأداء العام لصندوق الثروة السيادي البحريني، على رأس هذه الشركات المندرجة ضمن محفظة “الاستثمارات الإستراتيجية” مجموعة ماكلارين اوتوموتيف البريطانية، أحد أكبر صناع السيارات الرياضية الفاخرة في العالم، 
والتي تملك فيها ممتلكات حصة الغالبية بنسبة 59.91 %، مقابل 14.39 % لشركة TAG Automotive ،
 9.99 % لشركة Nidala (BVI)،
 5.6 % لشركة Favorita  ،
 3.96% لشركة Perlman ،
  3.59 % لشركة McKal القابضة، و2.56 % لشركة Acanitt. 

في قراءة سريعة لنتائجها المالية المعلنة حديثا، سجلت ماكلارين في النصف الأول من العام الجاري خسائر بلغت 120 مليون جنيه استرليني (51 مليون دينار بحريني)، مقابل صافي أرباح 24.3 مليون جنيه إسترليني (10.3 مليون دينار بحريني) خلال نفس الفترة من العام الماضي، بانخفاض في الربح بنسبة 594 % على أساس سنوي. وتعاني المجموعة من صافي مديونية تبلغ 520 مليون جنيه إسترليني (221 مليون دينار بحريني)، إلى جانب انخفاض إيراداتها إلى 258 مليون جنيه إسترليني (109.7 مليون دينار بحريني) مقابل 350 مليون جنيه إسترليني (148.8 مليون دينار بحريني) في النصف الأول 2021.
المجموعة أرجعت أداءها السالب في أول ربعين من هذه السنة إلى قيود سلاسل التوريد والنقص الحاد في إمدادات أشباه المواصلات الداخلة في صناعة السيارات وغيرها من عراقيل صناعية ولوجستية، ما جعلها تسجل تراجعا في مبيعات طرازاتها من السيارات الرياضية الفاخرة بنسبة 24 % لتبلغ 850 سيارة على مستوى العالم، مقارنة مع 1,112 سيارة في نفس الفترة من العام الماضي.
ماكلارين على موعد مع زيادة جديدة في معدلات الإنفاق في النصف الثاني من هذا العام والاستثمار في المشاريع بمعدلات أبطأ من العام الماضي؛ بسبب التركيز على الاستثمار في سيارة “أرتورا” الجديدة وتدشين مبيعاتها في الأسواق العالمية، فهي أول مركبة لماكلارين تنطلق بمحرك سداسي V6 بقوة 671 حصانا، لتكون بمثابة مغامرة جديدة للسيارة البريطانية الخارقة محفوفة بتحديات المزج بين البنزين والتكنولوجيا الكهربائية كأول سيارة هجينة لعلامة ماكلارين بعد سلسلة من التأخيرات في الإنتاج. المجموعة البريطانية أكدت في بياناتها المالية الأخيرة أن مساهميها، بما فيهم ممتلكات، استمروا في دعم الشركة بضخ سيولة بإجمالي 80 مليون جنيه إسترليني (34 مليون دينار بحريني) في يوليو 2022، مع التزامهم أيضا بضخ 45 مليون جنيه إسترليني (19.1 مليون دينار بحريني) إضافية دون تحديد موعدها. كل تلك المؤشرات تدل على أن فكرة طرح ماكلارين للاكتتاب العام ما تزال بعيدة المنال في ظل ما تواجهه من تحديات مالية وتشغيلية والسعي لإطفاء الخسائر، ناهيك عن أداء فريقها دون الطموح في بطولة العالم للفورمولا 1 وتراجعه للمركز الخامس بعد فريق ألبين الفرنسي ضمن ترتيب الفرق هذا العام.
مشروعات كثيرة تحت مظلة ممتلكات لا يسعنا الوقت للتطرق لها بالتفصيل كتعثر مفاوضات الدمج بين شركة دلمون للدواجن والشركة العامة للدواجن، ومصير كل من شركة الخليج لدرفلة الألمنيوم (جارمكو) وشركة البحرين لمطاحن الدقيق وشركة الجزيرة للسياحة وشركة الجنوب للسياحة ومشروع تصنيع اللقاحات المضادة لفيروس كورونا في روسيا، ولكن هدير محركات “ماكلارين” يحتاج ليسترجع صخب ربحيته حتى يعود بالنفع على استثمار ممتلكات الإستراتيجي مع عودة تعافي سلاسل التوريد وانتعاش قطاع السيارات الفارهة عالميًا يصاحبه تخطيط مدروس لخلق قيمة وتحسين الأداء.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية