العدد 5122
الأحد 23 أكتوبر 2022
banner
“منشآت” السعودية والريادة في ابتكار العمل الحر
الأحد 23 أكتوبر 2022

 إدراكًا بجوهرية منح الأولوية لريادة الأعمال والإبداع في العمل الحر لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة باعتبارها العمود الفقري لاستدامة النمو الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي، التئمت مؤخرًا في جوهرة شبه الجزيرة العربية العاصمة السعودية الرياض أعمال المنتدى الخليجي لرواد الأعمال بنسخته الثانية وبتنظيم من الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة “منشآت” في المملكة العربية السعودية، حدثٌ حاز مفاتيح النجاح منذ سويعاته الأولى باستقطابه جميع وزراء التجارة في دول مجلس التعاون الخليجي ونخبة من رواد الأعمال الخليجيين لبحث فرص التكامل الاقتصادي الخليجي انطلاقًا من قاعدة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المتنامية خليجيًّا. 
 إلى جانب التبادل المثمر للخبرات والتجارب الخليجية في مجال تنمية قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، شهد المنتدى كذلك إنشاء منصة لرواد الأعمال الخليجيين توفر البيانات والمعلومات للتعرف على الفرص الاستثمارية في المنطقة وقنوات التمويل والجهات الداعمة لتمكينهم من تطوير وتحسين أعمالهم، وتكون منصة للتحاور والتشاور بين رواد الأعمال والمستثمرين، والممولين، والعملاء والباحثين عن عمل، لتكون منصة خليجية موحدة تجاه المزيد من التقارب الخليجي للارتقاء بريادة الاعمال لآفاق أرحب من الازدهار، آخذين في الاعتبار ما تشكله المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من ثقل اقتصادي يصل إلى ما نسبته 80 % من الاقتصاديات التي حققت المعجزات في مختلف بقاع المعمورة.


بادرة “منشآت” في احتضان أكبر المنتديات الإقليمية لدعم وتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة هي استثنائية في حجمها ومحتواها وتوقيتها، تكمن أهميتها في تعظيم المنافع المتأتية من تجارب دول مجلس التعاون الخليجي في حاضنات الأعمال، والارتقاء بمستوى ممكّنات بيئة التمويل والاستثمار الجريء لرواد الأعمال في دول مجلس التعاون، إضافة إلى تعزيز عناصر الابتكار والتفكير خارج الصندوق في مشاريع الأمن الغذائي ومضاعفة مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في هذا الملف الحيوي بالنسبة لجميع دول الخليج العربي. 
الشقيقة الكبرى السعودية خطت خطوات قياسية في جعل قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ركيزة أساسية لتنمية الاقتصاد في المملكة العربية السعودية ومناخ جاذب لريادة الأعمال، وذلك من خلال دعم نمو وتنافسية هذه المنشآت ببناء بيئة محفزة ومجتمع ريادي وعبر قيادة التعاون مع شركاء استراتيجيين في القطاعين العام والخاص والقطاع غير الربحي محليًّا ودوليًّا، لتتحول منذ إطلاق رؤية السعودية 2030 في العام 2016 نموذجًا يحتذى خليجيًّا وعربيًّا في تنمية المؤسسات الصغيرة وريادة الاعمال والعمل الحر للشباب من كلا الجنسين. 
بيئة محفزة.. منشآت واعدة.. ومجتمع ريادي.. ثلاثة أهداف استراتيجية وضعتها الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة “منشآت” في المملكة العربية السعودية نصب عينيها لجعل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المحرك الرئيسي للتنمية الاقتصادية الشاملة في مرحلة ما بعد النفط بما ينسجم مع مرتكزات رؤية السعودية 2030، مستندة في ذلك على إصلاح الاحتياجات الأساسية الخاصة بالمنشآت الصغيرة والمتوسطة، لخلق بيئة تتيح فرص الازدهار لجميع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وتقديم الخدمات الداعمة وفرص الأعمال لتعزيز نمو كافة المنشآت الصغيرة والمتوسطة وتعزيز قدرتها التنافسية، ناهيك عن تشجيع ثقافة ريادة الأعمال، ودعم رواد الأعمال الطموحين لتحقيق زيادة في معدلات تأسيس الشركات الجديدة.
“منشآت” هي ثمرة نضرة من ثمار رؤية 2030 الطموحة التي جعلت الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية في صدارة اقتصاديات المنطقة وأسرعها نموًّا على مستوى العالم أجمع. تسعى الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة في السعودية وبخطى متسارعة لتحويل أهداف هذه الرؤية المتكاملة إلى واقع ملموس في المستقبل المنظور بزيادة مستوى مشاركة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي الإجمالي، وذلك برفع مساهمتها من 20 % إلى 35 % بحلول العام 2030.
 ما تحقق في غضون خمس سنوات وأكثر يبعث على الفخر، حيث تظهر أحدث إحصائيات “منشآت” بأن إجمالي عدد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في المملكة العربية السعودية وصل إلى 892,063 منشأة في الربع الثاني من العام الجاري 2022، بزيادة بلغت 25.6 % مقارنة بالربع الرابع من عام 2021. وتضم منطقة الرياض 35.4 % من إجمالي المنشآت، بينما تضم منطقة مكة المكرمة 21 % منها، في حين بلغت نسبتها في المنطقة الشرقية 12.7 %، وتصنف 81 % من هذه المنشآت كمنشآت متناهية الصغر وصغيرة.
وبحسب ذات الإحصائيات، كان قطاع الأغذية والمشروبات الرابح الأكبر من نسبة التمويل الاستثماري في المملكة العربية السعودية، بحصوله على أكبر نسبة من التمويل في النصف الأول من العام 2022 مقارنةً بالشركات العاملة في القطاعات الأخرى، حيث تمكَّن قطاع الأغذية والمشروبات من الحصول على استثمارات بلغت نحو 178 مليون دولار. اضافة إلى نمو التمويل الاستثماري الذي حصلت عليه الشركات السعودية الناشئة بنسبة 244 % ليصل إلى 2.19 مليار ريال سعودي في النصف الأول من عام 2022 على أساس سنوي، حيث صُنفت الشقيقة الكبرى كثاني أكثر أسواق رأس المال الجريء نشاطًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خلال نفس الفترة. 
كما كشفت الإحصائيات الأخيرة أن نسبة المنشآت التي تملكها سيدات في السعودية تبلغ حاليًّا 45 % من إجمالي أصحاب الشركات الناشئة بالمملكة، وهو ما يمثل ضعف النسبة التي تحققت عام 2017، وذلك بفضل تمكين المرأة في عالم ريادة الأعمال والذي يضمن تعزيز المزايا التنافسية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
 أرقام سعودية تحمل في طياتها الكثير من العمل الدؤوب ووضوح الأهداف المرسومة لتحقيق التنمية المستدامة والحفاظ على منحى صعودي ثابت للنمو الاقتصادي في الشقيقة الكبرى، يجعل من “منشآت” وما تقدمه رؤية 2030 من برامج ريادية نوعية تجربة فريدة من نوعها خليجيًّا وإقليميًّا، مما يبعث على التفاؤل في تعميمها خليجيًّا والنظر في وجوبية شراكة جميع دول مجلس التعاون الخليجي في تذليل كافة المعوقات أمام نهضة ريادة الأعمال ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بما سيعود بالنفع في المحصلة النهائية على رفاه ورخاء شعوب دول مجلس التعاون الخليجي والمنطقة العربية ككل.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية