العدد 5125
الأربعاء 26 أكتوبر 2022
banner
فرنسيس.. من هو ضيف البحرين الكبير؟
الأربعاء 26 أكتوبر 2022

في السابع عشر من ديسمبر من عام 1936 كان المولد في العاصمة الأرجنتينية "بوينس آيرس"، لعائلة مكوَّنة من خمسة أطفال، هو الأكبر فيها، الأب "مارو خوسيه بيرجوليو"، المهاجر الإيطالي الأصل، ووالدته "ريجينا سيفوري ماريا"، الأرجنتينية الجنسية، الإيطالية الأصل كذلك، وكلاهما، الأب والأم، قد هربا من إيطاليا في زمن الحكم الفاشي، الذي ساد إيطاليا فترة من الزمن.
إنه البابا فرنسيس، أو الحبر الأعظم، رئيس الكنيسة الرومانية الكاثوليكية، والذي سيحل ضيفا على مملكة البحرين خلال الأيام القليلة القادمة. جذور البابا بوصفه ابنًا لعائلة مهاجرة، سيقدر لها لاحقًا أن تشكل طريقة تفكيره في واحدة من أهم الإشكاليات التي قابلتها أوروبا في الأعوام الأخيرة، وهي الهجرة والمهاجرون، وعلى نحو خاص من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
بعث "بيرجوليو"، ذات مرة من عام 2017، رسالة إلى اجتماع "تيد 2017"، الملتئم في فانكوفر بكندا تحت عنوان "المستقبل هو أنت"، عبر تسجيل مصوَّر قال فيها "إن وجود كل واحد منا يرتبط بالآخرين"، فـ "الحياة ليست وقتًا يمضي بل وقت لقاء". يومها تابع: إن لقائي أو إصغائي لمعاناة مرضى ومهاجرين يواجهون صعوبات جمَّة في البحث عن مستقبل أفضل، وسجناء يحملون الجحيم في قلوبهم، وشباب لا يعملون، غالبًا ما يطرح عليّ سؤالًا: لماذا هم وليس أنا؟ فقد ولدت أنا أيضًا في عائلة مهاجرة، والدي وأجدادي، كالعديد من الإيطاليين الآخرين، هاجروا إلى الأرجنتين وعرفوا مصير من يخسر كل شيء؛ لذلك كان من الممكن أن أكون أنا أيضًا اليوم بين من يتم تجاهلهم.
تخرج "بيرجوليو" فنيَّا كيميائيَّا، قبل أن يختار طريق الكهنوت، فيدخل في المعهد الإكليريكي بمدينة "فيلاديفوتو"، وفي الحادي عشر من مارس 1958 التحق بالرهبنة اليسوعية، ودرس العلوم الإنسانية واللاهوتية في تشيلي، وفي 12 مارس 1960 أشهر نذوره الرهبانية، فغدا بذلك عضوًا رسميًا عاملًا في الرهبنة. عاد "بيرجوليو" لاحقًا إلى الأرجنتين ليتابع دراساته في الفلسفة واللاهوت في جامعة سان ماكسيمو دي مغيل، التي حصل منها على درجة علمية في الفلسفة.
وتذكُرُ مصادر أخرى أنه تابع دراساته في الأدب وعلم النفس بين عامي (1964 – 1965) في جامعة "ديلا انماكيو لادا" في "سانتا في" وتخرج منها، ومنذ سنة 1964 حتى سنة 1965، علّم "بيرجوليو" الأدب وعلم النفس في كلية الحبل بلادنس في "سانتا في"، وبعد سنة علَّم المادتين عينهما في كلية المخلِّص في "بوينس آيرس". 
سِيم "بيرجوليو" كاهنًا عن يد رئيس الأساقفة "رامون خوزيه كاستيانو" عام 1969، غير أن مسيرته مع التحصيل العلمي لم تتوقف، فحصل عام 1986 على شهادة دكتوراه في اللاهوت في فرايبورغ – ألمانيا.
كان عام السيامة الكهنوتية عامًا مؤلمًا صحيًا بالنسبة للكاهن الأرجنتيني الشاب؛ ذلك أنه أصيب بالتهاب خطير في الصدر استدعى استئصال إحدى رئتيه بعد نزاع دام ثلاثة أيام "بين الحياة والموت"، وقد قال في وقت ما سابقًا: "هذا الإجراء الجراحي، كان يمكن تلافيه في حاضرات أيامنا عبر استخدام المضادات الحيوية المتقدمة".
انتصرت إرادة الحياة على الموت الذي واجه المدعوَّ لاحقًا لأن يصبح "صاحب القداسة"، ومن قبل ذلك عُيِّن أستاذًا لعلم اللاهوت، ودرّس في كلية الفلسفة واللاهوت في جامعة سان مغيل في مدينة "بوينس آيرس"، بصفته محاضرًا مبتدئًا، ثم أستاذًا، وكان قد أقام المحطة الأخيرة للتدريب الروحي للرهبان الجدد حسب قواعد الرهبنة اليسوعية في إسبانيا، ومكث فيها حتى اختير رئيسًا إقليميًا للرهبنة اليسوعية في الأرجنتين بدءًا من 22 أبريل عام 1973، واستمر في شغل المنصب حتى نهاية ولايته في 1979.
كانت فترة رئاسته للرهبنة بصفته رئيسًا إقليميًّا في بلاده، واحدة من أزهى الفترات وأكثرها نماء في حياة الأب "برجوليو"؛ فقد علَّم وحاضر في عدد من المحافظات الأرجنتينية، وبعد نهاية ولايته عاد إلى التدريس في جامعة "سان مغيل" وغدا عميد المعهد اللاهوتي هناك.
كيف سارت المقادير ببرجوليو ليصل إلى السدة البابوية؟ إلى قراءة قادمة بإذن الله.

 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .