العدد 5089
الثلاثاء 20 سبتمبر 2022
banner
المناهج الدراسية بين الكم والكيف (3)
الثلاثاء 20 سبتمبر 2022

تحدثنا فيما سبق عن ضرورة مراجعة المناهج الدراسية لمعرفة مدى توافقها مع الواقع العملي والحقبة الزمنية الحالية، وبالتالي قياس جدوى القيمة العلمية لكل مادة قبل أن تفرض على الطلبة.
والحق أن بعض هذه المواد، إنما هي مراجع ونظريات علمية قابلة للتغيير ولا يستقيم اعتمادها كمواد دراسية، وبالتالي لا يمكن إخضاعها للقياس، والقاعدة الإدارية تقول: “ما لا يمكن قياسه، لا يمكن إدارته”، كخطوة أساسية لقياس نسبة التحصيل مقابل الجهد والأداء، ناهيك عن صرف المبالغ الطائلة لطباعتها، بل ومطالبة أولياء الأمور أحياناً بالطباعة لتغطية النقص الحاصل في المدارس، ومن ثم حشرها ضمن المواد الدراسية دون حاجة أو فائدة مرجوة، فقد وضعها أصحاب مقولة “خذ من هنا.. وضع هنا، وقل مؤلفه أنا”، كحشوات ضمن فلسفة “من كل بحر قطرة”، الأمر الذي يجعلنا نتحسر على الأوقات المهدورة دون تحصيل علمي وثقافي موزون. 
إن المحصلة النهائية عند إتمام أية مرحلة من المراحل الدراسية الثلاث، تعتبر شحيحة مقابل الجهد المبذول طوال العام الدراسي من قبل الطلبة المغلوب على أمرهم بالدرجة الأولى ومن ثم المدرسين والطاقم الإداري، فضلاً عن الميزانيات الضخمة المرصودة، ناهيك عن المعاناة النفسية والتشتيت الذهني الذي يصاحبهم طوال السنة الدراسية بسبب مواد دراسية لم تزل حبيسة “البروباغندا” المهيمنة التي عفا عليها الزمن، فما علاقة الطالب بالزراعة في المناطق الاستوائية وزراعة الأرز في الهند على سبيل المثال، أو الأعراق البشرية التي تعيش في آسيا أو أن تفرض عليه الإحاطة بدراسة جغرافية قارة أوروبا أو أميركا، وذلك ضمن تسلسل يبعث السأم والتشويش على الأذهان فضلاً عن الاستفادة منها في حياتهم المستقبلية، علماً أن هناك كتبا إثرائية وموسوعات بالإمكان الرجوع إليها للمهتمين، بدلاً من حشرها ضمن المواد الدراسية.
ختاماً، لا نملك هنا أن نقيس نسبة التحصيل في مقابل مؤشرات الأداء والجهد المبذول بشكل إحصائي ودقيق وذلك لعدم توافر العوامل الأساسية للقياس، إلا أن بوادر الإخفاق في التحصيل بادية للعيان، خصوصاً بعد تمديد الدوام المدرسي منذ عام 2012 دون مبرر مقنع، وللحديث بقية.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .