ما إن يقترب موعد الانتخابات إلا ونرى بعض الوجوه الغائبة منذ زمن بعيد تطل برأسها على استحياء من جديد، في محاولة لإعادة الكرّة بعد الهدنة، حاملةً معها بعض الوعود الهلامية في أمور سطحية بعيدة عن الواقع، مقصدها دغدغة مشاعر الجمهور فقط، وقد لوحظ ذلك جلياً في التصريحات المنفلتة التي تخرج إلى العلن بين الفينة والأخرى، سواء من خلال الصحافة المحلية أو عن طريق بعض مواقع التواصل الاجتماعي ولا غرو، فالساحة مفتوحة للجميع.
نقولها بكل صراحة، إن ساحة المترشحين للانتخابات البرلمانية حبلى بالكثير من الشطط والشطحات الغريبة التي تقرع آذان المتابعين والتي تفتقر بدورها إلى الموضوعية على أقل تقدير، ناهيك عن المهاترات الكلامية التي لا ترقى أبداً لأن تكون في مصاف المناقشات أو المقترحات المنطقية فضلاً عن أن تكون في نطاق العقل والمنطق.
إن من واجب الناخب الكريم أن لا تنطلي عليه مثل هذه الفقاعات الصابونية ولا الوعود الضبابية التي لا تقع أصلاً ضمن اختصاصات المترشح أو حتى إمكاناته، فضلاً عن أن يستطيع أن يلبي شيئاً منها للناس، كذلك على الناخب الكريم التأكد من توافق البرامج الانتخابية للمترشحين مع مهمات وصلاحيات العمل البرلماني أو البلدي، فقد لوحظ من تراكمات المرحلة السابقة ولوغ الكثير منهم في إناء غيرهم ومحاولة نزع البساط من تحت أرجلهم، طمعاً في كسب رضا الناس وذلك لاعتبارات كثيرة ليس أقلها “الرزة والبرستيج”، حيث تسيل لها اللعاب وتميل إليها الأهواء أكثر من غيرها، فإذا كان المترشح نفسه لا يعرف صلاحياته ولا كيف يتداخل في سن التشريعات ومناقشتها ولا يعرف التصرف تحت قبة البرلمان فكيف به يفرد عضلاته في المجاميع الانتخابية، ناهيك عن الكرم الحاتمي الذي يبلغ ذروته يوم الاقتراع.
إن من واجب أصحاب الأقلام ألا تمر عليهم هذه المناسبة مرور الكرام، دون توعية الناخبين الكرام بحقوقهم المكفولة وربما نحتاج أحياناً لسبر أغوار ما خلف الكواليس وكشف حيل بعض المفاليس، إلا أن ما يُطمئن هو أن البقاء دائماً للأخلص قولاً والأصدق فعلاً، أما باقي الترهات فستجد طريقها حتماً إلى مزبلة التاريخ.