العدد 5076
الأربعاء 07 سبتمبر 2022
banner
المناهج الدراسية بين الكم والكيف (2)
الأربعاء 07 سبتمبر 2022

تحدثنا في مقال سابق عن أهمية توافق المناهج الدراسية مع المراحل العمرية المختلفة للطلبة، لما له من أثر بالغ في إشباع طاقاتهم الذهنية والجسدية على حد سواء، وذلك من منظور احتياجات الأفراد الفسيولوجية وغيرها، وبالتالي عدم الركون إلى الكم وتجاهل الكيف.
المسألة ليست حضورا وغيابا، قلما وكتابا ثم مشقة وعذابا يلوي أعناق الشباب كلما طرقوا الأبواب بحثاً عن عمل أو دراسات عليا أو انتساب، يكفي أن الطالب الذي ينتقل من المرحلة المتوسطة لا يعرف ما هي ميوله ولا نقاط ضعفه أو قوته حتى يستعد لدخول التخصص الملائم له في المرحلة الثانوية بصورة واضحة دون تخبط أو إملاءات، فكم من طالب وطالبة ضاعت أوقاتهم وهُدرت طاقاتهم واضطربت نفسياتهم بسبب عدم اختيارهم تخصصاً يتماشى مع مواهبهم وإبداعاتهم منذ البداية، والأسباب في ذلك كثيرة ولعل أهمها عدم تهيئة الطلبة لمعرفة مواهبهم وميولهم وفق برامج تأهيلية تسبر أغوار الطاقات الكامنة والمواهب الدفينة لدى الطلبة وذلك قبل الانتقال إلى المراحل الدراسية المتقدمة، فقد كان الأجدر ملاحظة ودراسة بوادر النبوغ منذ المرحلة الابتدائية، الأمر الذي نفتقده للأسف في مناهجنا وخططنا التعليمية. 
نتكلم هنا من منظور علمي بحت وبقلب مشفق ودافع وطني، طمعاً في الوصول إلى نتيجة عملية تعالج هذا القصور الكامن في جسد صرحنا التعليمي، وللأمانة لن يتغير شيء ولن نخطو إلى الأمام ما لم نعترف بمكمن الداء ونقم بتدارك ما يمكن تداركه، وليت شعري كم من أوقات انقضت من أعمارنا ونحن نردد أناشيد سمجة ونحفظ تواريخ عقيمة ونسرد أسماء السلاطين وننتقل بين مختلف الميادين ومن الأدغال إلى الجبال، أما واقعنا فلا أنهار ولا أسفار ولا حتى حديقة حيوان.
مرةً أخرى، التحصيل العلمي يكون بنوعية المنهج الدراسي وليس بكمية المواد الدراسية كما هو الحال، حيث يُرهق كاهل الطالب الذهني والجسدي ويدخله في غياهب التاريخ وأهله تارة ومتاهات الخلايا الحيوانية تارةً أخرى وهكذا دواليك، حتى أصبح وزن الحقيبة المدرسية مناط نقاش الأطباء من حيث تأثيرها على صحة أبدان الطلبة فكلما زاد الكيل.. طفح.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية