العدد 5073
الأحد 04 سبتمبر 2022
banner
الأناقة الشخصية
الأحد 04 سبتمبر 2022

إن أول ما يتبادر إلى الأذهان عندما نتكلم عن الأناقة، الاهتمام بالمظهر العام والعناية بالهندام، بيد أن مقصودنا هنا غير مرتبط بنظافة البدن والهيئة فقط، ليس تجاهلاً لأهميتها، إنما لكثرة ورود الناس عليها والتفنن في مقتنياتها وربطها بالتوافه من الأمور بدعوى أنها من صميم الزينة والعناية الشخصية، فنحن في زمن تجاوزنا فيه الحد الفاصل بين المظهر والجوهر بحيث لم يعد هناك مجال للتفريق بينهما، وذلك لطغيان الجانب المادي على الجانب المعنوي في حياة الناس.
هناك تناقض مقيت بدأ يغزو مجتمعاتنا وينتشر بين الأوساط بدعوى المجاملة والمسايرة، فكثيراً ما نلتقي بعموم الناس في المناسبات العامة أو بزملاء العمل والوظيفة - من الجنسين - في بيئة العمل، فنلمس مدى الاهتمام بالمظهر الخارجي من حيث النظافة والجمال، لكن ما إن ترى تصرفاتهم عن قرب وتتعرف على منطقهم عن كثب حتى تتمنى لو أنك لم تلتق بهم، تجدهم في قمة التناسق والذوق في الملبس، لكن المخبر عكس ذلك، فليتهم تعاهدوا ذلك التناسق في أفعالهم وأقوالهم أو في تعاملاتهم، ويلبسون ساعات ثمينة، لكنهم في واقع الحال لا يراعون قيمة الوقت ولا يتقيدون بالمواعيد، وقد تراهم يضعون على أعينهم نظارات نفيسة تحفظ أعينهم من وهج الشمس وحرارة الجو، وكان الأجدر بهم حفظ أنظارهم عن عورات الناس والبحث في خصوصياتهم، فلا يظن ظان أن قطعة من القماش يمكن أن تخفي النقص الكامن بين خلجات النفس، أيضاً ولا يخفي بياض الأسنان آفات اللسان.
إن العناية ببواطن الأمور من صميم الأخلاق والقيم السامية المرتبطة بحياة الفرد، وهي بلا شك من جوهر العناية الشخصية، فالعناية بنظافة مداخل القلب وتنقيتها من آفات القلوب وشوائبها إنما تأتي في المرتبة الأولى من حيث الأهمية، فلا يمكن أن ينصلح الظاهر دون العناية بالباطن، وطالما أن هناك انسدادات في قنوات القلب تمنع وصول الدم النقي إليها، فلا يمكن أن تستقر حياة الفرد بأي حال من الأحوال، علماً أن السمع والبصر واللسان من مداخل القلب التي تحتاج إلى عناية خاصة فضلاً عن غيرها من المداخل.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .