خاطب الرئيس التنفيذي أحد مستشاريه متسائلًا: أين توقيع الموظف الذي أعدَّ المسودة الأولى لهذا الخطاب؟ لا أرى توقيعه في المرفقات. مهم أن أرى تواقيع جميع المسؤولين على المعاملات التي تصلني فهذا يرسخ لديَّ الثقة بسلامة ودقة المحتوى ويجعلني أحس بالطمأنينة وأنا أضع توقيعي عليها. وكما تعلم فأنا المسؤول الأول عن العمليات في هذه المؤسسة ولابد أن أتأكد من دقتها قبل التصديق عليها. وتابع: هل تعرف سبب إصراري على ذلك؟ السبب يا عزيزي هو أن يتحمل الجميع مسؤوليته عند حدوث أي خطأ وليس الرئيس فقط. ثم أليس هذا ما ينادي به محترفو العمل الإداري؟ أجاب المستشار قائلًا: نعم هذا صحيح، عندما نتحدث عن عملية صنع القرار حيث يتم إشراك الآخرين بغية الوصول إلى القرار الأنسب ولكن ليس في إعداد الرسائل والأمور الثانوية الأخرى. نظر الرئيس إلى مُحدِّثه نظرة غير عادية ثم قال: يبدو أنك لم تستفد من خبرتي في القيادة رغم المدة الطويلة في العمل معي. القيادة الإدارية ترتكز على عنصر واحد مهم وهو توخِّي الحذر وتفادي الأخطاء، وهذا يتطلب أن تضع الجميع معك في دائرة المسؤولية. بعد لحظات صمت قال المستشار: نعم أتفق معك في هذا سيدي ولكن لا يجب أن يكون الحذر والاهتمام المبالغ فيه بالإجراءات الثانوية الهاجس المسيطر علينا وإلا أصبحت هذه إستراتيجية المؤسسة وأصبح التطوير والارتقاء بالأداء من الأمور الهامشية. تابع المستشار قائلًا: اسمح لي سيدي أن نستذكر معًا أهم مرتكزات نجاح جاك ويلش أثناء قيادته وبنجاح مبهر لشركة جنرال إلكتريك. فقد ألغى ويلش الشكليات البيروقراطية في الإدارة كالتقيد بعدد معين من التواقيع على الإجراءات المالية والإجراءات البسيطة الأخرى وأصبح القرار يتخذ من المدير بعد الاطلاع على أفكار الكثيرين قبله وهذا ما ضاعف ثقة العاملين بأنفسهم وحقق نتائج إيجابية باهرة. تابع المستشار: وهذا جعله يركز اهتمامه على الأمور الإستراتيجية وليس... قاطعه الرئيس وبصوت هادئ قائلًا: عفوًا، لقد انتهت المقابلة.