بطبيعة الحال ينظر أعضاء الفريق في أية مؤسسة إلى المدير على أنه مصدر ثري للمعرفة والحكمة معاً، فتراهم يتسارعون إليه عند أية صعوبة تعيق عملهم أو تعترض أداء المهمات، لكن ماذا لو كان مدير الفريق يفتقد المعرفة والحكمة؟
للمعرفة إدارة، تماماً كما أن لعمل الأفراد والمؤسسات إدارة، إليك هذه القصة عزيزي القارئ: يذكر كينيث بلانشارد صاحب كتاب "مدير ذو أسلوب الدقيقة الواحدة" الذي بِيعت منه أكثر من 13 مليون نسخة، قصة شاب ممتلئ بالنشاط والحيوية أراد المضي في رحلة للبحث عن مدير مميز وذي معرفة عميقة في إدارة المؤسسات ليعمل ضمن إدارته، أخذ في البحث عنه، وسافر إلى مختلف المدن والمناطق كلما سمع عن وجود مدير بتلك الصفة. في رحلته تلك قابل العديد من المديرين، لكنه لم يكن يقتنع أبداً بأدائهم، وبعد أن يقابل الأفراد العاملين معه يكتشف كثيرا من سلبياتهم، وفي يوم من الأيام أخبره أحد الأصدقاء عن وجود مدير في إحدى المناطق حقق نتائج كبيرة، ويتمتع أعضاء فريقه بقدرة عالية من الاحترافية، وحققت المؤسسة في عهده نتائج لم تشهدها من قبل، وعلى الفور قرر زيارته.
اتصل بمديرة مكتبه فقامت بإيصاله للمدير، وقال له إنه مرحبٌ به في أي وقت يختار ما عدا يوم الأربعاء.. بعد أن اتفقا على الموعد حضر الشاب في الوقت المحدد، كان المدير في غاية اللطف كما يقول الشاب، وفطنة المدير أوصلته إلى أن هذا الشاب يمتلك شغفا كبيرا، ويطمح إلى أن يحقق ما يحلم به في أن يصبح مديرا في إحدى المؤسسات الكبيرة في يوم من الأيام. وكان أول ما سأل عنه الشاب هو ذلك السر الذي أوصل المؤسسة لهذا النجاح الباهر بعد أن كانت تتراجع في ظل الإدارة السابقة؟ أجابه المدير أنه يعتمد على أسلوب الدقيقة الواحدة في توضيح المهمات الجديدة للموظفين. تفاجأ الشاب وقال: كيف لك أن تشرح لموظف مهمات جديدة في دقيقة واحدة فقط؟ فرد عليه: إن المدير الناجح هو من يستطيع أن يعطي التفويض لكل مهمة بعد أن يشرحها لموظفيه في وقت لا يتعدى الدقيقة الواحدة.
من يتمكن من جعل أعضاء الفريق يقررون الطرق الصحيحة في تنفيذ مهماتهم وكيفية معالجة العراقيل إن وجدت، هو من يستحق بالفعل أن يُعطى الفرصة في مختلف المواقع الإدارية في ظل ما نشهده من تنافسية عالية في عالم الأعمال اليوم.
لا أن يقوم المسؤول بتلقينهم كل الخطوات بصورة إملائية تقليدية تفقد الأعضاء القدرة على الإبداع والابتكار. القاعدة الإدارية تقول: وظف من يستطيع حل المشكلات وتنفيذ المهمات بمهارة لا بمن يأتي ليعدد عليك التحديات والعراقيل.