قال أندريه جيد “هناك نوعان من الفنانين.. نوع يأتي بأجوبة، والآخر بأسئلة، وعلى الإنسان أن يعرف ما إذا كان من هؤلاء الذين يجيبون، أو من أولئك الذين يسألون، لأن الذي يسأل ليس أبدا ذاك الذي يجيب، وهناك مؤلفات تنتظر، ولا تفهم خلال مدة طويلة، لأنها تكون قد أتت بأجوبة على أسئلة لم تطرح بعد. إن السؤال يصل غالبا بعد الجواب بزمن مخيف”.
هناك فئة في مجتمعاتنا تؤمن ببعض الوجوه إلى حد القداسة، وقد تدخل في متاهات اللغة والالغاز والرموز لإقناعها بأن جميع البشر خطاؤون بكل معاني الصياغة والشكل، وأن الجميع يعيش على الخبز والماء، لكنك تشعر أن الحديث مع هؤلاء دون فائدة، وكأنها محاولة لقراءة الخطوط الهيروغليفية أو الرسوم المتعرجة.
فإن ترشح رجل دين إلى الانتخابات النيابية أو البلدية، وحتى لو لم يعرفوه فالحديث عن هذا الترشح ميت وعديم الجدوى والتأثير، وعندما تسألهم عن سبب اختيارهم تسمع هذه الحقيقة الغريبة المدهشة “رجل دين”.. طيب نعرف أنه رجل دين لكن رجاء اخرجوا من دائرة سلطانه وقولوا لنا، هل من الضرورة أن يكون رجل الدين على دراية تامة بالعمل البرلماني والتشريعي ويمتلك الخبرة والكفاءة. حرروا شعوركم وفكركم وعقلكم من العقال الخفي الذي يعقلكم، وتحدثوا بواقعية وضمير باختيار وإرادة، وليس مثل الطفل المستسلم لعفويته البريئة الساذجة.
عليكم الانتباه والتيقظ في الحياة، وتجاوزوا مسألة الحكم على الإنسان من مظهره الخارجي وشكله، ولا تستسلموا للذعر والانفعال الأعمى الذي يقودكم إلى الفرار من مواجهة الحقيقة، بل وطدوا العزم على المواجهة والشجاعة بالاعتماد على الوعي الوجداني المبصر، فذلك هو الاختيار الذي يقرر مصيركم بالمعنى القاطع الكلي.
انسفوا بنية واقعكم من أساسه وزلزلوا الأرض تحت أقدام من يستغلكم بمظهره ويقودكم إلى اتجاه معاكس باتباع تعاليمه.. اطرحوا الأسئلة وتمسكوا بحبل النقاش واعرفوا أن هذه هي قاعدة الحياة كما يجب أن تكون.
أقولها بصراحة تامة وبدون أدنى تردد أو تحفظ.. اختر الأكفأ ولا يخدعك ما يقولونه ويعلنون عنه.