العدد 5022
الجمعة 15 يوليو 2022
banner
إلى المتهورين في قيادة السيارات
الجمعة 15 يوليو 2022

كثيرا ما نشاهد في شوارعنا سيارات تنطلق كالصواريخ، بل كسرعة الضوء، لدرجة أننا لا نكاد نتعرف على نوعها ولونها بسبب هذه السرعة، ولو كان بمقدورنا للحقنا بالسائق ووبخناه أشد توبيخ على سلوكه المتهور في الشارع، وعن أمثال هؤلاء السواق نفرد في مقال اليوم القصة التالية علهم يعودون إلى صوابهم.
كان القطار السريع يوشك أن يعبر “المزلقان” في شارع كبير بإحدى المدن الأميركية، وإذا بسيارة تقتحم “المزلقان” بسرعة خاطفة غير مهتمة بالضوء الأحمر ورنين الناقوس الذي يحذر العابرين، وانقضت أنفاس سائق القطار ومعاونيه، إذ أيقنوا أن تحطم السيارة والقضاء على ركابها أمر لا مفر منه، لكن السيارة نجت بمعجزة وأرسل سائق القطار إلى إحدى الصحف الكبرى خطابا موجها إلى سائق السيارة المجهول، فنشرته الجريدة في صفحتها الأولى، وقالت إنه خطاب يمكن توجيهه لكل سائق متهور. قال سائق القطار: “لست أدري من أنت أيها السائق الذي كنت أمس على أبواب الموت والنسيان، حينما مررت بعربتك في الساعة التاسعة مساء أمام القطار السريع الذي كنت أقوده، لقد كانت السيارة قريبة جدا من القطار، حتى أنني رأيت الشابة التي بجوارك - وأحسب أنها خطيبتك ـ ترتمي عليك وهي تخفي وجهها بيديها لكيلا ترى بعينيها مصرعكما.
لو كنت في موضع تلك الفتاة لألقيت خاتم الخطبة في وجهك بعد هذا الحادث، لا لأنك طائش ومتهور فحسب، بل لأنني أشك كثيرا فيما تزعمه من حب لها وإخلاص، فمن أحب شخصا عمل على حمايته، هل فكرت وأنت منطلق بسيارتك كالسهم أمام القطار في عاقبة تهورك الشنيع، وفي أثر الحادث في نفوسنا؟ ألسنا بشرا نحس ونتألم؟ وهل نسيت أن الحادث قد يودي بحياتنا أيضا، فلا نعود إلى زوجاتنا وأطفالنا الذين يترقبون كل يوم عودتنا إلى البيت.
أرجو يا بني أن تحمد الله من أعماق قلبك لأنه أنقذك من موت محقق، وأن يكون هذا الحادث درسا لك ولأمثالك يعلمك التروي والتعقل أثناء قيادة السيارات مهما كانت الظروف والأحوال، لا حرصا على حياتك وحدها، بل شفقة بمن يصاحبونك في السيارة، ورحمة بأمك وأبيك وأفراد أسرتك ورفقا بالمارة وعائلاتهم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .