العدد 5021
الخميس 14 يوليو 2022
banner
“سلطانة” سيبقى كتابكِ مفتوحاً للأجيال واسمكِ ممتداً كالشعاع
الخميس 14 يوليو 2022

برحيل الفنانة الشعبية الكبيرة هبة عبدالله “أم جوهر” تكون الساحة الفنية المحلية والخليجية قد فقدت رمزاً من رموز الفن والطرب الشعبي النسائي، حيث كانت لها رحمها الله مكانة كبيرة في نفوس الجميع، حيث عرفت بدماثة الخلق والتواضع والقيم الإنسانية. 
لقد ارتبطت طفولتي بالفنانة الراحلة أم جوهر واسمها الحقيقي “سلطانة عبدالله إدريس”، فقد كنا جيراناً في فريج الشيخ عبدالله في المحرق في السبعينات، وكان عمري وقتها 7 سنوات، ولا أفارق بيتهم أبداً كحال أيام وزمن الطيبين، وبما أن جدتي عائشة الماجد “أم محمد” رحمها الله كانت من مجموعة “فرقة مريم البن حمادة” وهي فرقة نسائية شهيرة مثل بقية الفرق النسائية في السبعينات وحتى قبل ذلك مثل فرقة فاطمة الخضارية للغناء النسائي، وفرقة سارة مرزوق، وفرقة العاصفة، وفرقة النجاح وغيرها، كانت تصحبني معها في بعض الأحيان إلى الفرقة، وكان المكان عبارة عن بيت شعبي مازلت أذكر دهاليزه والريح التي تدور من “البادقير” كالطاحونة، والظلال التي تمتد تحت أشعة الشمس.
هناك... وفي الدار كنت أرى العمة سلطانة وأهرع سريعاً ناحيتها لتقبيلها فوق رأسها مع بقية الحاضرات، فتلك كانت عاداتنا وتقاليدنا “والسنع الذي تربينا عليه”، ثم أتخذ جانباً أو زاوية صغيرة مع بقية الأطفال في الدار لأستمع وأشاهد عبق الماضي وعفويته من خلال الأغاني الشعبية النسائية بألوانها المختلفة، بل ويمكنني القول إن ثقافتي في التراث الشعبي وامتلاكي مخزوناً ثرياً من المفردات القديمة من اللهجة العامية، جاء من تلك البيئة المشبعة بريحة الطيب وقناديل ومنابع الأصالة، حتى أن الفنان والمخرج جمال الصقر ذكر أن لغة الحوارات الشعبية التي أستخدمها في مسلسلي الشعبي “يوميات أم سحنون” لغة نادرة وغير مستخدمة في وقتنا الحاضر وبعيدة حتى عن كبار كتّاب الدراما محلياً وخليجياً، وهذا سبب تميز وتفوق ونجاح المسلسل. 
رحمكِ الله يا عمتي سلطانة، وسيبقى كتابكِ مفتوحاً للأجيال والحقب، واسمكِ لامعاً إلى جوار النجوم وممتداً كالشعاع.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .