ضيف برنامج “وقفة” بإدارة عبدالنبي الشعلة
السفير حسين الصباغ: خامنئي قشّر البرتقال على طاولة بليارد في قصر الشاه بلقاء مع الدبلوماسيين
قدمت أوراق اعتمادي سفيرا في طهران ثم عدت لأقسم أمام الأمير
في الحلقة الجديدة من برنامج “وقفة” يستضيف رئيس مجلس إدارة “البلاد” عبدالنبي الشعلة السفير المخضرم حسين راشد الصباغ في حديث الذكريات عن أبرز المحطات في مسيرته المهنية بعدد من العواصم ومشاهد من معاصرته لأبرز المنعطفات التي عاصرها في العقود الماضية.
صدام حسين
كان الرئيس العراقي السابق صدام حسين يتردد على رابطة طلبة البحرين في مصر حسبما يقول بعض الطلبة... حدثنا عن ذكريات مزاملة الرئيس العراقي... وما سبب تواجده برابطة طلبة البحرين؟
- كنت أمين سر الرابطة، وصدام حسين شخص انطوائي ولا يتحدث إلى الطلبة، على الرغم من علاقته برئيس الرابطة جاسم فخرو وعدد من الطلبة البعثيين المقربين منه في كلية الحقوق بجامعة القاهرة، ومع مرور الأيام عرفنا بأن الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الأب حين كان مديراً للمخابرات المركزية في الولايات المتحدة الأميركية، اتصل بالسفير الأميركي في القاهرة آنذاك، لإقناع الرئيس جمال عبدالناصر بمنح صدام حسين لجوءاً سياسياً في القاهرة، إذ كانت للأميركان علاقة مميزة مع الرئيس جمال عبدالناصر، وأغلب الطلبة البعثيين غادروا القاهرة العام 1961 بعد انفصال الوحدة بين سوريا ومصر، حيث تم تسفير البعثيين، وكان مقر رابطة البحرين الطلابية قرب دائرة المباحث المصرية.
استقلال البحرين
عندما أعلن هارولد ويلسون رئيس وزراء بريطانيا في أبريل 1968 عزم بريطانيا الانسحاب من منطقة الخليج، وأوفدت منظمة الأمم المتحدة في يونيو 1968 سفير إيطاليا بالأمم المتحدة فيتوريو وينسبير للبحرين لمعرفة رغبات الشعب البحريني. ما المشاهد العالقة في ذاكرتك من هذه الفترة؟
- بعد اقتراح حزب العمال البريطاني الانسحاب من منطقة الخليج العربي، صرح شاه إيران من الهند في العام 1969 عن المزاعم الإيرانية لانتزاع ما يسمى بحقوقهم من البحرين، وعليه رفضت البحرين الاستفتاء وقبلت بزيارة الممثل الشخصي للأمم المتحدة لتقصي الحقائق في البحرين، حيث كانت الاجتماعات تقام في قاعة المؤتمرات (قاعة أوال حاليا) بفندق الخليج بحضور سفير إيطاليا بالأمم المتحدة فيتوريو وينسبير، وبحضور عدد من الشخصيات البحرينية. وبعد جهود متواصلة لمدة شهر حصلت البحرين على الاستقلال.
غارات اسرائيلية
في مارس 1978 حدث الاجتياح الإسرائيلي على لبنان... وكنتَ رئيسا للبعثة الدبلوماسية البحرينية هناك.. أي أنك في عين العاصفة أثناء قصف الطائرات الحربية الإسرائيلية واشتعال الحرائق والغارات المتعددة... ما مشهد تلك الفترة؟
- مع الأسف لبنان لم يعش مرحلة من الهدوء، فالطائرات كانت تحلق منخفضة في منطقة سكني بالرملة البيضاء، وقوات الردع العربي كانت تنتشر بشكل كبير.
تعرفت على زعيم تيار المردة طوني فرنجية قبل اغتياله، وفي فترة وجودي اغتيل كمال جنبلاط على يد السوريين بسبب معارضته دخول قوات الردع، وذهبت لتعزية ابنه وليد جنبلاط في منزلهم بالمختارة.
مع الأسف انتشر في لبنان العنف المسلح تلك الفترة، وبقيت الحرب الأهلية مستمرة لغاية التسعينات، وبعد ظهور حزب الله بعد قيام الثورة الإيرانية في ايران استمر مسلسل الحرب الأهلية.
وأود الإشارة هنا إلى أن الفلسطينيين في بيروت احتفلوا بتأييد الثورة الإيرانية، حيث وضع الإيرانيون شروطاً لدعم القضية الفلسطينية وتم تأييدهم قلباً وقالباً.
لم أقسم
- حدث أمر غريب في موضوع تعيينك سفيراً في ايران... فقد قدمتَ أوراق اعتمادك لرئيس الوزراء الإيراني مهدي بازركان في 16 أكتوبر 1979 ثم عدتَ للبحرين وأديتَ القسم أمام سمو الأمير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة سفيراً للبحرين في ايران.. ولهذا الموضوع قصة.. حدّثنا عنها؟
- وزارة الخارجية البحرينية كان لديها قلق من عدم قبولي سفيراً للبحرين في طهران بعد الثورة الإيرانية، إذ كانت تصريحات بعض المسؤولين الإيرانيين لا تعترف باستقلال البحرين، سافرتُ إلى طهران للقيام بمهام عملي كسفير عن المنامة وهبطت بي الطائرة في مطار طهران، وكان في استقبالي رئيس التشريفات بقاعة المطار، وقدمتُ أوراق اعتمادي كأول سفير للبحرين بعد الثورة الإيرانية، وبعد قبول الاعتماد رجعت للبحرين لأداء القسم أمام الأمير الراحل.
تقشير البرتقال
ذكرتَ في كتابك أنك التقيتَ الخميني أول مرة... مع السفراء العرب... في 1 نوفمبر 1979... وكانت القاعة صغيرة... وافترشتم الأرض... وحتى الخميني لم يصافحكم... ولم تترجم الكلمة الفارسية لكم... حدثنا عن مشهد اللقاء الأول وانطباعك عن هذه الفترة؟
- طلب سكرتير مدير المراسم بوزارة الخارجية الإيرانية من السفراء العرب وسفراء الدول الإسلامية الاستعداد إلى لقاء الخميني في مدينة قم، ووقف الجميع في انتظار لحظة دخول الخميني، دخل علينا القاعة وقال لنا باللغة الفارسية “بشن” أي اجلسوا على الأرض، وفي الفترة نفسها كان علي خامنئي يرافق السفراء في جولاتهم في طهران.
وفي إحدى زيارات السفراء إلى أحد قصور الشاه، حدث موقف حين كان علي الخامنئي جالساً على طاولة البلياردو يقشر برتقال، وطلب السفير السويدي شراء الطاولة بقيمة 600 ألف دولار. ومن الأمور الغريبة أن الايرانيين يطلبون من الدبلوماسيين بإزالة ربطة العنق (التاي) عندما سيقابل السفير رجل دين سياسياً، حيث يعتبرون ربطة العنق صليبا، وأنا لم أنزع “الكرفته”.
نصيحة بريطانية
ذكرتَ معلومة مهمة في كتابك، وهي أن السفير البريطاني هو الذي أبلغك في منتصف يوليو 1980 عن قرب اندلاع الحرب العراقية الإيرانية وطلب منك مغادرة طهران... ما هي القصة؟
- بالفعل اتصل بي السفير البريطاني وأبلغني بضرورة مغادرة طهران مع بقية سفراء دول الخليج، قبل اندلاع الحرب العراقية الإيرانية، حيث كان لدى السفارة البريطانية في طهران معلومات استخباراتية قبيل نشوب الحرب، وعليه غادرت من طهران إلى إسبانيا.
حرب الناقلات
خلال عملك كمندوب للأمم المتحدة في نيويورك عام 1982 حدثت حرب الناقلات في البحر... ما هي أبرز النقاشات والتسويات بين الدبلوماسيين في قاعة الأمم المتحدة لوقف الحرب؟
- أجمل الأيام قضيتها في نيويورك خلال فترة عملي بالأمم المتحدة، ولكن مع الأسف أغلب السفراء العرب كانوا عاطلين عن العمل وفي انقسامات خلال فترة الحرب العراقية الإيرانية.
سحق الصينيين
ننتقل الى محطة الصين، حيث عاصرت أحداث ساحة (تيان آن من)، ومعناها ميدان السماء، وهي ساحة وسط بكين وتعتبر الأكبر عالميا، وشهدت قتل طلبة محتجين، فما أبرز المواقف من وجودك في تلك الفترة؟
- واجهت في الصين مشكلة عدم وجود مدارس أجنبية لأبنائي لتدريسهم اللغة الانجليزية، والظروف كانت صعبة في الصين حيث لا يوجد في بكين (سوبر ماركت) مثلا. أما عن ساحة (تيان آن من)، ففي يونيو 1986 جلب طلبة صينيين نموذجا لتمثال الحرية من أمريكا، ووضعوه في الساحة، وحدثت اضطرابات، وأمر مسؤول صيني رفيع بسحق الطلبة في تلك الفترة بالدبابات.
التزوير في تونس
في سبتمبر 1997 وصلتَ تونس وهي محطتك الدبلوماسية الأخيرة... هل توقعت أن تنفجر الأوضاع فيها بالعام 2011 وما أبرز المشاهد بفترة وجودك هناك؟
- زارني الرئيس زين العابدين بن علي في منزلي لتقديم واجب العزاء في وفاة المغفور له بإذن الله تعالى سمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة أمير البلاد الراحل بشهر مارس 1999.
وكل شيء كان مزوراً في تونس بتلك الفترة، وأنا كسفير مقيم في تونس توقعت انفجار الأوضاع قبل أحداث الربيع العربي لعام 2011 بسبب القبضة الأمنية الشديدة.
فريق العمل
تقديم: عبدالنبي الشعلة
إعداد: راشد الغائب وحسن عبدالرسول
إدارة التصوير والإضاءة: حسن عبدعلي
تصوير: أيمن يعقوب، حسن عبدعلي وحوراء مرهون
مونتاج وإخراج: حوراء مرهون
أعد الحلقة للنشر: حسن عبدالرسول
تنفيذ وإخراج الصفحة: محمد الستراوي