+A
A-

وضع مقلق لتعادل اليورو والدولار.. وهذه عواقبه على الأوروبيين

مع تعادل اليورو والدولار، يمكن القول الآن إن سنوات القوة التي شهدتها العملة الأوروبية الموحدة قد ولّت.
وبلغ اليورو نحو 1.6 دولار في 2008.. وقتها كان العديد من الأوروبيين الذين يقضون إجازاتهم في الخارج خصوصا في الولايات المتحدة، يتمتعون بالفنادق والطعام الرخيص، ليعودوا إلى ديارهم مع حقائب مليئة بالإلكترونيات والملابس بسبب قوة اليورو الشرائية.
أما أمس فوصلت العملة الأوروبية إلى أدنى مستوى لها منذ 20 عامًا، لتبلغ التكافؤ مع الدولار، في وقت تتزايد المخاوف من حدوث ركود اقتصادي في أوروبا، في سياق ارتفاع التضخم وتزايد عدم اليقين بشأن استمرار إمدادات الغاز الروسي.
وباتت أوروبا بين كماشتين: العواقب الاقتصادية للحرب في أوكرانيا وقرار البنك المركزي الأوروبي بالإبقاء على أسعار الفائدة متدنية.
رحلة سقوط اليورو
أتى انخفاض قيمة اليورو وسط أزمة طاقة في أوروبا سببها الغزو الروسي لأوكرانيا. وهناك قلق من احتمال أن تخلق هذه الأزمة ركودًا اقتصاديًا ذا عواقب غير متوقعة، وهو شبح ظهر جليًا يوم الاثنين، عندما أوقفت روسيا إمدادات الغاز عبر خط “نورد ستريم 1” الذي يغذي ألمانيا، أكبر اقتصاد أوروبي.
وبدأت شركة الطاقة الروسية العملاقة غازبروم صيانة لخط الأنابيب لمدة 10 أيام، لكن أعين ألمانيا ودول أوروبية أخرى تترقب بقلق ما إذا كان الغاز سيعود بعد ذلك للتدفق أم لا، إذ يمكن لروسيا استغلال الفرصة وتعزيز استخدام الغاز كسلاح في أزمة أوكرانيا.
يضاف إلى هذا الصراع الضربة التي تلقاها اليورو من التفاوت في سرعات الفيدرالي الأميركي والمركزي الأوروبي لجهة تشديد السياسة النقدية، فأسعار الفائدة ترتفع بشكل أسرع في الولايات المتحدة، وهذا يجذب رؤوس الأموال إلى أكبر اقتصاد في العالم.
بالنسبة للمستثمرين، فإن عوائد سندات الخزانة الأميركية أعلى من تلك الخاصة بالسندات الأوروبية، ما يجعلهم يفضلون الدولار على اليورو. من هذا المنظور، فإن البنك المركزي الأوروبي في موقف صعب، إذ يحاول كبح جماح التضخم، وفي الوقت نفسه، يخفف من تباطؤ الاقتصاد. منطقة اليورو لم تبدأ بعد في رفع أسعار الفائدة. ومن المتوقع أن تفعل ذلك في اجتماع المركزي الأوروبي في نهاية يوليو، لكن إن حدث فسيكون بوتيرة أبطأ.
اختراق جيوب المستهلكين
مع ارتفاع التضخم في منطقة اليورو إلى أعلى مستوى له منذ بدء السجلات عند 8.6 %، يؤدي انخفاض قيمة العملة الموحدة إلى زيادة تكلفة المعيشة عن طريق رفع تكلفة الواردات.
وفي ظروف أخرى غير التي يعيشها العالم الآن، لا تشكل العملة الأضعف بالضرورة أخبارًا سيئة للحكومات التي تستخدمها كوسيلة لتحفيز النمو الاقتصادي حيث تصبح الصادرات أكثر قدرة على المنافسة. لكن الحال مغاير الآن، ففي كل مرة يستمر فيها الدولار في الارتفاع، يكلف شراء برميل من النفط باليورو أكثر. هذا هو السبب في أن اليورو الضعيف قد ساهم في قفزة أسعار الوقود إلى أعلى مستوياته على الإطلاق، ما أدى إلى اختراق جيوب المستهلكين.
الوضع مقلق جدًا لدول منطقة اليورو، باعتبار أن قرابة 50 % من واردات المنطقة مقومة بالدولار. وإذا انتهت الحرب في أوكرانيا قريبًا - وهو أمر غير مرجح - قد يتوقف هبوط قيمة اليورو. أما البديل الثاني لكبح رحلة السقوط تلك، فيكمن في رفع أسعار الفائدة واتباع سياسة أكثر “عدوانية” من جانب المركزي الأوروبي، لكنه أيضًا أمر لا يبدو مطروحًا على الطاولة في الوقت الجاري.
قوة الدولار ليست فقط في وجه اليورو، بل باتت بادية على مستوى العالم، وضغطت على معظم عملات الدول الناشئة.