عندما نتحدث عن العلاقات التجارية والمالية مع الموردين ومقدمي الخدمات المختلفة لمختلف الشركات البحرينية من بنوك وغيرها نجد أن عددا لا بأس به من هذه الشركات تتعامل مع شركات أجنبية لا وجود لها في البحرين، أو لها وجود شكلي من خلال مكتب صغير جدا، وتتعاقد هذه الشركات البحرينية مع الشركات الخدمية الأجنبية لمدد طويلة قد تتجاوز الثلاث أو الأربع سنوات لتزويدها بالخدمات، ولا تأبه للأضرار المباشرة وغير المباشرة التي تلحق الاقتصاد الوطني بسبب إهدار كل هذه المبالغ لصالح شركات أجنبية، تستأجر وتوظف وتدفع ضرائب ورسوم، ولكن لدولها وليس للبحرين.
وقد لا تدرك هذه الشركات البحرينية مدى الخسارة التي تسببها لمقدمي الخدمات البحرينيين وللاقتصاد الوطني بسبب عدم منح الأولوية للشركات البحرينية في التعاملات التجارية والاستثمارات، فبدلاً من تحويل مبالغ طائلة إلى خارج البحرين، لماذا لا تستثمر هذه الأموال في شركات تتخذ من البحرين مقرا لها وأصحابها وملّاكها ومساهميها بحرينيين؟ لماذا لا تصرف أموالها بما يضمن التطور الاقتصادي؟ البحرين تزخر بكفاءات وطنية متميزة وشركات متطورة عالية المستوى تقدم شتى الخدمات التي تحتاجها المصارف والمؤسسات العاملة في جميع القطاعات.
لذا فإني أوجه رسالة إلى جميع المسؤولين ومدراء هذه المؤسسات باتخاذ القرار بالتعامل مع شركات بحرينية فقط، وفي الواقع انعكاسات ذلك القرار ستكون إيجابية على مختلف الأصعدة، بما في ذلك تحسين اقتصادنا المحلي ما يخلق فرص العمل للمواطنين، وتعزيز الاستدامة والتنمية الاقتصادية وتنافسية المنتج البحريني، والحد من التسرب الاقتصادي ورفع كفاءة الإنفاق، والكثير من الفوائد الأخرى، كما سيسهم هذا التوجه في تعزيز استقرار الأموال الوطنية، وبالتالي المساهمة في تقوية المتانة المالية والقوة الشرائية التي تتمتع بها المملكة.
ولعل من الحكمة أن نقتدي في هذا الشأن بتجربة شقيقتنا المملكة العربية السعودية في إصدار قرار بإيقاف تعاقد المؤسسات السعودية مع أي شركة أو مؤسسة تجارية أجنبية ليس لها مقر إقليمي في المملكة، ويشمل ذلك الهيئات والمؤسسات والصناديق التابعة للحكومة أو لأي من أجهزتها، وأرى أنه إذا طبقنا مثل هذا القانون لدينا في مملكة البحرين فإنه سيكون بمثابة إجراء اجباري لحماية الاقتصاد البحرين، ووضع حد لتسرب الأموال للخارج وعدم لجوء الشركات إلى موردي خدمات بحرينيين على الرغم من الريادة العالمية التي باتت تشهدها المملكة في مختلف الصناعات والأرقام خير شاهد، كما أنه سيسهم في تحفيز الشركات الوطنية على التطوير والتوسع ورفع قدراتها وزيادة تواجدها في السوق المحلية.