العدد 5020
الأربعاء 13 يوليو 2022
banner
عن الانتحار الإيكولوجي لكوكب الأرض
الأربعاء 13 يوليو 2022

هل الكرة الأرضية على موعد مع انتحار قادم لا محالة، انتحار لا يبقي على زرع ولا يحفظ ضرعا، ناهيك عن تعريضه حياة البشر للفناء؟ ربما يكون ذلك كذلك، لاسيما أن البشر لا يتعلمون من دروس المناخ التي تبدو ظاهرة للعيان، والآثار المأساوية التي تخلفها التغيرات الإيكولوجية. 
آخر الأخبار المفزعة بشأن المناخ العالمي وأحوال الكرة الأرضية، ما كشف عنه علماء في جامعة "واترلو" الكندية، ويتعلق بوجود ثقب عملاق جديد في طبقة الأوزون، يعلو معظم أجزاء الإقليم الاستوائي للأرض، ومن باب التذكير فإن طبقة الأوزون جزء من الغلاف الجوي لكوكب الأرض، والذي يحتوي بشكل مكثف على غاز الأوزون، وهي متمركزة بشكل كبير في الجزء السفلي من طبقة الستراتوسفير من الغلاف الجوي للأرض، وهي ذات لون أزرق.
عبر العقدين الماضيين كثر الحديث عن ثقب الأوزون القائم فوق قارة أنتاركتيكا القطبية، والمآسي التي خلفها على حالة الطقس العالمي، ذلك باختصار أنه كلما اتسع هذا الثقب، كلما تعرضت الأرض إلى المزيد من الأشعة الضارة، عطفا على زيادة نسبة الاحتباس الحراري. يمكن اعتبار الثقب القديم حادثة، إذا ما قورن بالثقب الأكبر سبع مرات، والذي أعلنت الجامعة الكندية عنه، والذي يأتي بمثابة كارثة.
هل كان هذا الثقب قائما منذ وقت طويل ولم يتم الكشف عنه إلا مؤخرا؟ هذا ما يؤكده البروفيسور كينغ بين لو، عبر تصريحاته لصحيفة الإندبندنت البريطانية، إذ يشير إلى أن الثقب كان قائما منذ 30 عاما ويغطي رقعة هائلة قد تؤثر على نصف سكان كوكب الأرض. يبدو الفارق بين الثقبين كذلك مثيرا للمزيد من القلق، لاسيما أن ثقب القارة القطبية يظهر في فصل الربيع من كل عام، بينما الثقب الاستوائي يتواجد طوال العام.
ما الآثار الكارثية المحتملة على كل كائن حي على وجه البسيطة جراء مثل هذا الكشف المهلك الجديد؟ باختصار غير مخل، تسرب المزيد من الأشعة فوق البنفسجية على الأرض، وما يستتبع ذلك من شيوع أنواع معينة من سرطان الجلد الضار، وإعتام عدسة العين عند الكائن البشري، بجانب آثار سلبية أخرى على الصحة، وكذا إلحاق بالغ الضرر بالأنظمة البيئية في الأقاليم الاستوائية.
يضيق المسطح المتاح للكتابة عن سرد وعرض أبعاد القصة الحزينة الأخيرة للأوزون، فيما يبقى السؤال الجوهري: "هل البشرية تسرع بانتحار كوكب الأرض، أم أنها تعمل على استنقاذها من مصير تعرضت له كواكب أخرى، ومنها الأرض عينها في حقب جيولوجية سابقة قبل ملايين السنين؟
الذين تابعوا قمة غلاسكو للمناخ العالمي في نوفمبر الماضي، أدركوا مدى الخطوة التي يعيشها الكوكب الأزرق في حاضرات أيامنا وكيف أن الخطر يقترب اقترابا حثيثا من نقطة الصفر. 
وعلى الرغم من ذلك تبدو الأزمات الأخيرة، وفي مقدمها أزمة الطاقة العالمية الناجمة عن الحرب الدائرة في أوكرانيا، وقطع القيصر بوتين الغاز والنفط عن القارة الأوروبية، مسألة كارثية للمناخ، إذ ستجد غالبية الدول المضارة نفسها أمام عودة قسرية وجبرية إلى عالم الوقود الأحفوري المتمثل في الكربون أي الفحم الأسود. 
تبدو القارة الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية في مواجهة استحقاق طاقوي خطير ومثير، وثنائية مريرة، بين أمرين أحلاهما مر، شتاء قاتل إن لم يتم اللجوء إلى الفحم الملوث الأكبر للطبيعة من ناحية، أو استخدامه مع ما يترتب على ذلك من زيادة في مستويات الكربون، وبالتالي ارتفاع حرارة الأرض.
هل هي بداية انتحار حقيقي لكوكب الأرض؟.

 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية