العدد 5013
الأربعاء 06 يوليو 2022
مصر والبحرين.. سردية الروح الواحدة
الأربعاء 06 يوليو 2022

أظهرت زيارة الرئيس السيسي إلى مملكة البحرين الشقيقة، حقيقة مؤكدة منذ وقت بعيد، وهي أن العلاقة بين البلدين الشقيقين تتجاوز فكرة التعاون المشترك، كما الحال بين سائر دول العالم، إلى حدود فكرة القلب الواحد والروح الواحدة، الأمر الذي أظهرته الأحداث الجسام عبر نحو مئة عام خلت، وما يمتد في بطن التاريخ مستقبلا بإذن الله.

بداية يمكن النظر عبر لغة الجسد، إلى اللقاءات التي جمعت الرئيس المصري مع شقيقه ملك البحرين، ثم مع ولي العهد، فقد كانت الصورة أبلغ من عشرات الكتب، ومئات المقالات، إذ نضحت بالمودة الحقيقية النابعة من القلب. والشاهد أن الذين لهم دالة على قراءة مثل هذه اللغة، يستطيعون فك شفرات صور جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله، حين يشارك في المؤتمرات واللقاءات الدولية التي تستضيفها الكنانة، سواء في القاهرة أو شرم الشيخ، حيث يبدو جلالته مثل صاحب العرس، وليس كالضيف، وهذه حقيقة مؤكدة بالفعل تبين قدر المودات القائم والقادم بين مصر والبحرين.

منذ زيارة الرئيس السيسي الميمونة للبحرين، لا حديث في القاهرة وبنوع خاص في الأوساط النخبوية المثقفة، إلا عن صورة البورتريه الكبير والمبدع للرئيس المصري، المعلق على الجدار، في البهو الذي استقبل فيه ولي العهد سمو الأمير سلمان الرئيس السيسي، وهي بادرة محبة أخوية وتقدير وجداني، لم تحدث من قبل، تقطع بأن مصر ورئيسها وشعبها، هم في القلب قولا وفعلا. منذ نحو مئة عام، أي منذ العام 1919 وخطوط المودات قائمة بين القاهرة والمنامة، وأضابير التاريخ تحمل لنا مواقف تجلت فيها وحدة الإرادة، لاسيما في اللحظات المصيرية.

كانت البحرين من أوائل الدول التي اعترفت بثورة 23 يوليو عام 1952، والتي فتحت دربا جديدا لمصر والمصريين في طريق التحرر من الاحتلال الإنجليزي، ومن ثم قادت إلى جلاء قواته عن مصر.

والثابت كذلك أنه طوال ثلاثة عقود، أي حتى معركة العبور وتحرير سيناء في أكتوبر من عام 1973، ساندت البحرين مصر في حروبها، كما كانت القاهرة من أوائل العواصم العربية والعالمية التي اعترفت باستقلال البحرين عام 1971، وأرسلت أول سفير لها في المنامة عام النصر نفسه.

وضعت مصر أبدا ودوما نصب أعينها الأمن القومي في منطقة الخليج العربي، والجميع يتذكر العبارة الشهيرة للرئيس السيسي.. "أمن الخليج.. مسافة السكة"، بمعنى أنه لا يمكن أن تتأخر مصر عن دعم أشقائها، خصوصا في إقليم قلق ومضطرب جراء قوى بعينها، لم تحمل، ولن تحمل أبدا مشاعر الود، إنما تسعى للهيمنة والسيطرة التي لا يمكن أن يقبل بها أحد.

جاءت زيارة الرئيس السيسي في توقيت يطلق عليه في دائرة علم النفس، الوقت القيّم، أي الوقت الذي يكون فيه للفعل عظيم الأثر، والتواني عنده يمثل خطر.

أما التوقيت ففيه تبدو خيوط الطول وخطوط العرض حول العالم متداخلة ومتشابكة، والأخطار الأممية متعاظمة، والجميع يتوقع حربا باردة، قد تأخذ العالم إلى مواجهة كونية ثالثة.

أما على الصعيد الاقتصادي فالأزمة العالمية الطاحنة تستدعي التنسيق المشترك بقلب أخوي لعبور اليم المغرق، ومن غير أفكار البراغماتية الرأسمالية القاتلة التي سلعت الإنسان.

ومن جانب آخر تستبق الزيارة تحولات واضحة في الإقليم، ولقاءات كبرى منتظرة خلال الأسبوعين القادمين، تتمثل في زيارة الرئيس الأميركي، والإقرار من جديد بمحورية الشرق الأوسط وأهميته في سياق النظام العالمي الجديد.

من القاهرة إلى المنامة.. أخوة ومحبة وتعاون خلاق.

 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية