أعجبنى بروفايلك على “الفيس بوك”؛ فأرسلتُ إليك طلبا للصداقة.. هذا هو نصُ الرسالة التي وصلته عَبر “الفيس بوك”، فلمْ يُكذِب خبرا، ولَمْلمَ شتات نفسه وقَبِلَ صداقتها، كان الحديثُ بينهما حذرا في بادئ الأمر، إذ حاول كلٌ منهما أن يُثبتَ للآخر أنه مَلكٌ، نَزَل للأرض ليُطهِرَ العالمين، صارحته بإعجابها بل بحُبها بعدما لمست من حديثه الجذاب الرقةَ والحنان، ووجدت فيه فارسها المنشود الذي كثيرا ما داعب خيالها في اليقظة والمنام، أما هو فتريث في بادئ الأمر لكيلا ينخرط معها في علاقة تُفسدُ عليه حياته مع زوجته وأولاده.
استجمعت قواها بعدما وجدتْ منه إباء وصدا، وأبت إلا أن يقع فريسة تحتضنُه بيديها، وتضُمه إلى صدرها، أوهمته بأنها كانت ضحيةً لزوجٍ لم تذُق معه طعم الحب الذي عرفته معه، فاستعصم كابحا جماح نفسه أن ينزلق معها في علاقة آثمة، مُستندا إلى بقايا أخلاق كان يتحلى بها، فضيقت عليه الخناق، وأخذت تُسمعه كلمات الحب والهيام حتى خارت قواه، وأسلم لها القياد، وسرعان ما اتفقا على اللقاء، الذي تجرعا خلاله كأس الرذيلة، وأخذا يَعُبان منها حتى الثُمالة، ارتابت زوجتُه في سلوكه بعدما تبدلت طباعُه، واعتاد الغياب عن المنزل أوقاتا طويلة، فتتبعت خُطاه حتى وجدته يلتقي عشيقته التي تعرفَ عليها عبر “الشات” فى إحدى الشقق المفروشة، فنكصت راجعة تنتظر ورقة الطلاق، هذه الواقعة وغيرُها الكثير، تؤكد خطورة “الشات” والدردشة عبر الإنترنت، التي صارت “موضة” يتهافت عليها الجنسان بُرهانا على المدنية والتحرر، فتضيع خلالها الساعات التي هي أسمى ما يملكُ الإنسان، وتُرتكب جرائمُ تتشتت بسببها أُسرٌ، كما طالعتنا الصُحف صباح مساء.
إن وسائل الاتصال والمعرفة من إنترنت وخلافه سلاحٌ ذو حدين، يختلفُ استخدامُه باختلاف الأشخاص وتنوع الثقافات، فيعتبرُه الحمقى والمُغفلون وسيلة ترفيه ولهو، بينما يستغلُه العقلاء في الإفادة والمعرفة، خصوصا أنه بفضل تلك الوسائل صار العالمُ مُترامي الأطراف أشبه بقرية صغيرة. والمؤسف أنه رغم أننا بلادٌ إسلامية تستمد ثقافتها من دين يحضُ على مكارم الأخلاق، ويُحرم الفواحش، التي من أهم أسبابها الخلوة غير الشرعية بالأجنبية، والتي يُعدُ “الشاتُ” والدردشة صورة من صورها، إلا أننا لا نأبه لذلك، ونعده من سفاسف الأمور، حتى تأتي الطوام، وتُرتكب الفواحش وتنهار البيوت.