العدد 4979
الخميس 02 يونيو 2022
banner
تاجر الذهب “المقهور”
الخميس 02 يونيو 2022

قبل 13 عاماً تقريباً، أجريت تحقيقاً صحافياً استقصائياً عن ورش الذهب غير المرخصة، نزلت يومها إلى هذه المغارات الإجرامية واحدة تلو الأخرى بالمنامة القديمة، بمعية أحد تجار الذهب البحرينيين الشجعان، وهناك رأيت العجب العجاب.
مواد صهر، وأبخرة سامة، ومواد كيميائية معقدة، تدخل في صهر الذهب وتذويبه، وتحويله لمصوغات مختلفة الأحجام والأشكال، بورش بدائية محشورة بشقق قديمة في بنايات أكل عليها الدهر، تعج شققها الأخرى بالعوائل والأطفال، فتساءلت يومها بخفوت: ما الذي يحدث هنا؟
وأثناء الجولة، والتي تنكرت فيها بشخصية رجل أعمال خليجي يريد الشراء، كي أقنعهم بالكلام، عرفت منهم أنهم يبيعون الذهب أقل من سعره، لكي يستقطبوا الزبائن على حد قولهم، وهي نقطة استوقفتني ولم تقنعن كثيراً، فالبيع بأقل من سعر التكلفة، وراءه أهداف ومآرب أخرى بالتأكيد، فما هي؟ أجابني على هذا السؤال التاجر الذي كان بصحبتي، بعد أن انصرفنا، قال إنه مخطط قديم تقوده عصابات دولية آسيوية، تهدف لتفريغ السوق البحريني وغيره (خليجياً) من التجار المحليين، وإحلال الآسيويين مكانهم، للسيطرة على مفاصل تجارة الذهب، والتحكم في أسعارها. وقال لي أيضا، ومازلت أذكر كلماته بالحرف، إن سوق المنامة سيفرغ من تجار الذهب البحرينيين خلال فترة لن تتجاوز العقد الواحد، وهو ما حدث بالضبط، والواقع خير شاهد على حاله.
منذ يومين، التقيت تاجرا بحرينيا، وتحدثنا عن واقع تجارة الذهب وتحدياتها، فقال بمضض: “تجارة تجيب السكر والضغط والمرض والكوليسترول، وما تجيب همها”. ويزيد “لولا أن لدي ثمانية موظفين يعولون ثماني عوائل، لكنت أغلقت محلي من زمان وارتحت من عوار الراس والقهر، ما يحدث من الآسيويين حرب مفتعلة ومقصودة وناجحة ومستمرة، لإخراج البحرينيين من الصنعة”.
ويتابع “التجار الآسيويون لا ينفقون في البلد إلا القليل، وليست عليهم مسؤوليات عائلية ومالية مثلنا، من زكوات ومساعدات ونفقات وغيرها، والبقية ستكون أكثر ضرراً، إذا ظل الحال كما هو عليه”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .