وأنا أصعد الطائرة عائدا إلى البحرين من جدة التي احتضنت اجتماعات المكتب التنفيذي للاتحاد العربي للصحافة، كنت أتساءل في داخلي، كيف ستصبح المملكة العربية السعودية بعد 8 سنوات؟!
دوافع السؤال، ما رأيته من تنامٍ متسارع وتطور مذهل شهدته السعودية خلال السنوات القليلة الماضية، حتى أصبحت مختلفة بشكل شبه كلي عما رأيته آخر مرة، وكأنها تسابق الزمن لتنجز رؤية 2030 الواعدة التي دشنها ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله.
وليس من قبيل المبالغة أن أقول بعد هذه الزيارة: إن الشيء المتبقي على حاله في المملكة منذ آخر زيارة قمت بها، ينحصر في أصالة أهلها وكرمهم، وعدا ذلك فإن كل شيء يتماهى مع العصر الجديد بشكل مطرد.
أتحدث هنا، عن فترة لا تتجاوز الأربع سنوات منذ أن زرتها آخر مرة، وتحديدا جدة التي بدت ملامحها العصرية تشبه إلى حد كبير ملامح المدن الغربية التي نتوق إلى زيارتها لتبهرنا بجمالها ودقة تفاصيلها.
شوارع واسعة، مجمعات عملاقة، فعاليات عالمية بامتياز تحتضنها عروس البحر الأحمر، لتشبع نهم الزائر والمواطن على حد سواء. وأظن بأنك عندما تريد بأن تفهم المستقبل فما عليك إلا قراءة عنوانه من على جبين المملكة المشرق بالتفاؤل والأمل.
لقد كنت طوال عمري، أرى في السعودية مقومات البلد العظيم، الذي لا يختلف عن أي من الدول الكبرى في العالم، من حيث الجغرافيا والإمكانات البشرية والمالية، ولكنني كنت أشعر آنذاك بالتباطؤ في استغلال هذه الإمكانات، اما الآن، فقد أصبح الوضع مختلفا تماما إلى درجة جعلتني أشعر بالفخر كبحريني بصفة خاصة!!
وبالمصادفة خلال هذه الزيارة، كان وزير السياحة السعودي، يتحدث في مؤتمر صحافي عن مشروع نيوم الاستثنائي، وقد ذكر تفاصيل لافتة عندما قال إن هذه المدينة الحديثة، ستكون بلدا داخل بلد، من حيث القوانين التي ستدار بها، وأوضح أن مسمى الذين سيعيشون فيها سيطلق عليهم نيومينز وليس سعوديون!!
بهذه العقلية المنفتحة على المستقبل، أصبح من الواضح جدا، أن السعودية تسير بخطوات ثابتة في رسم معالم العالم الجديد، مدركة تماماً أهميتها وحجمها وثقلها الطبيعي، الذي سيجعل منها واحدة من الدول ذات الآفاق المشرقة والطموحات غير المتناهية.
وعندما أقلعت الطائرة في طريقها إلى بلدي الحبيب، نظرت من النافذة، ووجدت أن السعودية أصبحت اليوم، كما يقال في السوشل ميديا: السعودية الجديدة ولا غلطة!!!