العدد 4968
الأحد 22 مايو 2022
banner
التنافس في عمل الخير
الأحد 22 مايو 2022

صديق أعرفه، يقوم منذ سنين طويلة بتوزيع سقيا الماء على عمال الحفريات بالشوارع، والمنظفين، وغيرهم ممن تحرقهم أشعة الشمس الساخنة، وممن يعانون من مزاجية الطقس وتقلباته.
ولا يفعل عمل الخير هذا إلا ومعه أطفاله، حيث يجلسهم بكل مرة في الكرسي الخلفي، ويضع بينهم كيسا ضخما مليئا بقناني الماء الباردة، وحين يقترب من عامل بالشارع، يفتح النافذة الخلفية ويطلب منهم إعطاءه الماء، حتى يعودهم على عمل الخير مع هذا العمر المبكر.
صديق آخر، توفي قبل 10 سنوات أو أكثر، حيث كان رحمه الله يضع مكنسة كهربائية في صندوق سيارته الصغيرة، و”يلف” على المساجد في العصريات، ويقوم بكنسها وتنظيفها، دون أن يخبر أحداً عن اسمه، أو يعرفهم بهويته، وظل على هذا الحال أكثر من 17 عاماً، حتى وفاته بحادث سيارة مؤلم.
صديق ثالث، يحرص منذ سنوات على إرسال وجبة العشاء بشكل شبه يومي، لأسرة متعففة وفقيرة، تقطن معه بنفس الحي، وذلك عن طريق إيصال الطعام لهم من المطاعم مباشرة، وبحال منذ العام 2017 دون أن يعرفوا هويته حتى لحظة كتابة هذه السطور.
صديق رابع، وهو معلم لغة إنجليزية، يفرغ نفسه ساعتين ونصف لمدة ثلاثة أيام بالأسبوع، لتدريس 5 طلبة أيتام، توفي والدهم بمرض السرطان، وهم من أسرة بسيطة تجاور منزله، أمهم تعمل بوظيفة “على القد”، ويقول “حين يأتون لمنزلي آخذها فرصة وأقدم لهم الفواكه والسندويتشات”.
قصص عجيبة، وملهمة، أبطالها أناس بسطاء، لا يملكون الملايين، ولا العقارات، ولا الودائع، ولا سبائك الذهب، لكنهم سباقون في عمل الخير، وفي نجدة الضعفاء ورسم الأمل، ونجدة المساكين، وهم الأثرياء بحق، وهم الأغنياء، وليس الآخرين، فشكرا لهم، ألف شكر.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية