العدد 4951
الخميس 05 مايو 2022
banner
حرب أوكرانيا.. جدلية الأهداف المتغيرة (2)
الخميس 05 مايو 2022

أعتقد أن إحدى المعضلات التي تواجه الأزمة الأوكرانية وتحول دون ظهور أي ضوء في نهاية نفق البحث عن تسوية سياسية حتى الآن، تتمثل في عدم وضوح ما تريده روسيا، وأيضاً عدم وضوح ما يريده الغرب، فروسيا التي بدأت بأهداف ربما تبدو تكتيكية محدودة، باتت تمتلك طموحاً لتحقيق أهداف استراتيجية أكبر وأوسع في أوكرانيا، وهذا التغير يرتبط أساساً بما حدث على الأرض في العملية العسكرية التي كشفت عن سوء تقدير لقوة أوكرانيا والعوائق المحتملة هناك، وموقف الدول الغربية من العملية العسكرية الروسية، ولاسيما ما يتعلق بالعقوبات الشديدة ضد روسيا، وعلى الجانب الآخر فقد تطور موقف الغرب من الدعم العسكري واللوجستي الحذر والمحسوب لأوكرانيا إلى تزويدها بالأسلحة والعتاد المتطور بشكل علني، وبات النقاش يتمحور ليس حول الدفاع عن أوكرانيا بل العمل على إلحاق الهزيمة بالجيش الروسي ومساعدة أوكرانيا على تحقيق انتصار عسكري رغم صعوبة الأمر من الناحية النظرية، لاسيما في ظل وضعية روسيا كقوة نووية كبرى يمكن أن تلجأ في الأخير إلى استخدام سلاح نووي تكتيكي.
حسبما أرى فقد انتقل الصراع في أوكرانيا من إنهاء سيناريو اقتراب حلف الأطلسي من الحدود الروسية، وردع دول أخرى تفكر في الانضمام للحلف، إلى تغيير قواعد اللعبة تماماً ووضع قواعد جديدة تحكم العلاقة بين روسيا والغرب عموماً، وحلف الأطلسي بشكل خاص، وأخذ الصراع بعداً آيديولوجياً لا يمكن إنكاره، حيث لا يمكن تجاهل النقاشات الدائرة عن استهداف الكرملين الديمقراطيات الغربية، والعكس صحيح كذلك، وبغض النظر عن صواب هذه الأفكار فإن الصراع بات صفرياً لا يقبل المساومة أو التوصل إلى تقاسم للمصالح والمكاسب في أزمة أوكرانيا، أو هكذا تبدو الأمور حتى الآن على الأٌقل، حيث يتذكر الجميع ما وصف بـ “زلات لسان” الرئيس الأميركي جو بايدن التي تحدث فيها عن ضرورة إطاحة الرئيس بوتين من السلطة، حيث قال في وارسو إن بوتين “لا يمكن أن يبقى في السلطة”، ورغم “التصحيح” الرسمي الأميركي لمقصد الرئيس بايدن، فإن حديث وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن عن إمكانية إلحاق الهزيمة بروسيا لو توافر العتاد والأسلحة لأوكرانيا ليس سوى الوجه الآخر لتصريحات بايدن، باعتبار أن هزيمة بوتين عسكرياً تعني ـ واقعياً ـ نهاية حكمه، أو تحجيمه تماماً ومحاصرته داخل حدود روسيا بكل ما يعنيه ذلك من نهاية روسيا كخصم استراتيجي قوي للولايات المتحدة. “إيلاف”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .