العدد 4943
الأربعاء 27 أبريل 2022
banner
الجمعيات الدينية ومحاربة وتحطيم المسرح
الأربعاء 27 أبريل 2022

لقد بذلت التيارات الدينية في المجتمع العربي جهودا كبيرة في محاربة وتحطيم المسرح، ومازالت تلهث بشغف لتوقيف أي مشروع من أجل الثقافة، وهذه حقيقة ملموسة نراها في كل مجتمع عربي.
هنا وفي مجتمعنا البحريني، التيارات الدينية والمتشددون يغمضون عينهم عن الحقيقة التي تلمع كالبرق، وهي أن المسرح في كل زمان ومكان الواجهة الأمامية النيرة لكل نضح ثقافي وحضاري لدى الأمم على السواء، ويرون أن الاشتغال في المسرح انحراف للأمة عن النهج القويم حسب تفكيرهم الضيق والتخلف والجمود، وحاولوا مرارا وبمختلف الأساليب وضع العصا في دولاب الإبداع والخلق، فتمنوا أولا إصابة النشاط المسرحي بالجفاف الشديد، لكنهم فشلوا. بعدها غضبوا من الغنى الزائد في النشاط المسرحي في الأندية وافتعلوا الغوغائية المتعصبة، وأيضا فشلوا، وبعدها تعدى الأمر وتصاعد وأخذوا في التأثير على نفوس وعقول الشباب عن طريق الخطب الدينية، و”العزايم” التي يقيمونها في جمعياتهم، بأن المسرح من الباطل ويضعف الدين والعقيدة ويبعد المرء عن الطريق الصحيح وهو من عمل الشيطان، وكل من يدخل فيه سيدفع الثمن غاليا.. في حياته وبعد مماته.
الجمعيات الدينية ترى المسرح بأنه من الحركات الشريرة وتعاليمه الفلسفية مرفوضة، ومن السهل معرفة ذلك من خلال اجتهادها في زرع المفاهيم المغلوطة عن الفن والمسرح وتقديم صورة غير واقعية، حيث يذكروننا هنا بسخط رجال الدين على العلماء واتهامهم بالإلحاد وعدم الإيمان في الأحقاب الغابرة.
يا سادة.. عندما نتحدث عن المسرح ينبغي أن ننظر إليه بعين الإجلال، لأنه يمثل في أنحاء كثيرة من العالم المتمدن وسيلة من أهم وسائل نشر الأدب والثقافة والأفكار المعاصرة البناءة للمجتمع من كل نواحيه، حتى أن واحدا من الرواد كبرناردشو استطاع أن يجعل خشبة المسرح معرضا لآرائه في الاقتصاد، واستطاع أناس مثل شكسبير ويونيسكو وهنرين ابسن وتوفيق الحكيم أن ينقلوا إلى خشبة المسرح أعمق ما يؤرق الإنسان من مشاكل أزلية دون حل. 
المسرح محرك الحياة، بل هو صانع الحياة، ويساهم في علاج مشاكل مجتمعنا الحيوية الكبرى.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .