+A
A-

إثبات نسب طفلة بعد إنكار والدِها

بين أروقة المحاكم وضياع هوية الطفولة، حكمت المحكمة الكبرى الشرعية الثانية بإثبات زواج المنقطع الشرعي بين المدعية والمدعى عليه، وإثبات الزواج ونسب الطفلة إلى المدعى عليه وهو والدها.

وتبدأ تفاصيل الواقعة عندما قامت المدعية وهي الزوجة المؤقتة حسب عقد الزواج، برفع دعوى على المدعى عليه وهو الزوج بسبب رفضه وإنكاره نسب طفلته الصغيرة.

وتشير الأدلة أنه تم الزواج بين الطرفين بعقد زواج منقطع، وبرضا تام بينهما وقبول لفظيّين، وذلك بعد رجوع المدعى عليه من السفر بفترة وجيزة، حيث لم يتم توثيق هذا العقد في القضاء أو حتى بوجود شهود، على أن يتم إبرام عقد زواج دائم بعد ذلك.

وقد أجمع فقهاء المذهب الجعفري على شرعية وحلّية عقد زواج المؤقت، حيث يشترط فيه أن تكون الزوجة بالغة عاقلة راشدة خالية من جميع الموانع مثل أن تكون متزوجة أو معتدة من الطلاق أو وفاة زوجها أو من محارمه بالمصاهرة أو الرضاعة.

بالإضافة إلى أن الزواج المنقطع كالدائم، فإن المتمتع بها تحرم على الزوج مؤبدًا وابنتها ربيبته، ولا يجمع بين الأختين متعة. كما أن الولد من الزوجة المنقطعة كالولد من الدائمة في وجوب التوارث والإنفاق وسائر الحقوق المادية والأدبية.

وكما هو معروف أن المتمتع بها تعتدّ بعد وفاة الزوج عدة كاملة، ويشترط أن تمضي على الأقل ستة أشهر؛ لأن هذه المدة أقل مدة للحمل حسب ما هو مثبت طبيًّا، ويستطاع من خلاله إثبات النسب.

وتقر المعلومات الواردة من مذكرة المدعية أن المدعى عليه لم يقر في وثقية الزواج بحالته الاجتماعية، ناهيك عن عدم وجود أي مستندات رسمية تثبت أقوال المدعى عليه، فإنه يكون زواجًا غير تام.

وأظهرت التقارير أن المدعية وهي الزوجة قبل ارتباطها بكر، ولم يسبق لها الزواج من قبل أو الدخول في علاقة غير شرعية.

وتبيّن فيما تقدم من أوراق الدعوى أن الزوجة حملت بالطفلة أثناء زواجهما، وأنها رزقت بها بعد مضي أقل من مدة الحمل حسب المثبت بشهادة استمارة التبليغ عن المولود، حيث لم يدّعِ أحد نسب هذه الطفلة سوى المدعية والمدعى عليه، وليس لها نسب ثابت غيرهما.

ووفقًا لقانون الأحوال الشخصية في الفقه الجعفري (179) أنه يثبت النسب في الزواج الصحيح بطريق من أحد الطرق التالية: الفراش، الإقرار، الشهرة، الشهادة، وقد تم إثبات جميع هذه الطرق.

وكما جاء في المادة (171) أنه يلحق أولاد المرأة بزوجها الشرعي ويثبت بينهم وبينه النسب الشرعي إذا تحقق بينهما الفراش الشرعي.

وقد أقر المدعى عليه أمام المحكمة أنه تزوجها زواجًا منقطعًا بالنحو الذي أقرته المدعية، ما يثبت أنه المتسبب في حملها بالإقرار والتصادق، وثبوت نسب الطفلة.

ومن جهته، قال المحامي عبد العظيم حبيل إن الثابت الراجح في الفقه عند حصول هذه المسألة هو جواز إثبات الزواج بالإقرار كما لو ادعى رجل على امرأة أنها زوجته والعكس صحيح، فإن الزوجية تثبت بهذا الإقرار وتصديق الطرف الآخر له.

ولفت أن الإقرار هو أقوى طريقة إثبات كما تنص المادة 1400 من كتاب قانون الأحوال الشخصية في الفقه الجعفري أنه يجب على من تزوج بالعقد المنقطع الإقرار بولد المتعة.

وبيّن أن المستقر فقهًا أن لعقد الزواج ركنًا أساسيًّا وهو الإيجاب والقبول بين طرفين عاقلين، على أن يكون في مجلس واحد دون فصل بينهما، وتكون الزوجة غير محرمة على الزوج، كما أنه يجب أن يكون الزوجان عاقلين وبالغين وحرّين.

وأضاف يشترط على العاقد أن يكون ذا ولاية على إنشاء عقد الزواج، حيث تتوجب الكفاءة وكمال المهر وخلو الزوج من عيوب تحول بينه وبين المعاشرة الزوجية، فإذا ثبت ذلك يعتبر حينها العقد صحيحًا بما ينص عليه الشرع.