يمكن أن يعرف قدر الكثير من الأشخاص سواء عرفوا عن قريب أو بعيد بعد غيابهم؛ فغالباً ما يشعر الفرد بقيمة الآخرين عندما يفقدهم لا قدر الله، أو يبتعد عنهم، فقد لا يشعر بهذه القيمة خلال تواجدهم.

وأياً كانت قوة الارتباط، فالأفراد عموماً، وعلى المستوى الفني خصوصاً، والذين يمتلكون كاريزما فنية خاصة أو إبداعات متجلية أو فنا راقيا يقدمونه للآخرين طوال مسيرة حياتهم، لهم حضور ودور مهم ورسالة سامية في الحياة، يعكفون على تأديتها بروحهم وكلهم، وهم ليسوا من الأشخاص المألوف وجودهم؛ فكل فرد مبدع هو حالة خاصة بذاته، لا يتكرر على الأرجح، أو يصعب تكراره، فليس له أي توأم، ويعد ثروة لبلده، وعطاؤه واستمرار وجوده بسخاء بذله وإبداعاته الشخصية.. شيء لا يعوض ولا يقدر بثمن.

وكم من مبدع وفنان لم ينالوا حظاً وافراً مما يستحقونه من فرص وتكريم، وكم منهم لم يترك لهم المجال لتقديم أفضل ما لديهم، والمعضلة ليست في منح الفرص وحسب أو التكريم؛ فبالنسبة لمنح الفرص فإن كل مبدع قناص للفرص، بل يخلق لنفسه الفرص، فغالباً لا يحتاج إلى فرصة تمنح، بل هو من يمنح الفرص لنفسه والآخرين كذلك، أما بشأن التكريم، فكم من دعوات كثيرة تدعو إلى تكريم الفنانين والمبدعين على اختلاف مجالاتهم وتخصصاتهم، لكن الأهم من ذلك كله ليس التكريم بحد ذاته، إنما تقديرهم وعدم تغافل وجودهم، والاستفادة من طاقاتهم الإبداعية وهم في أوج عطائهم، فهم ليسوا بحاجة إلى كلمة أو هدية تكريم بل إلى تقديرهم وتشجيع حراكهم الإبداعي.