العدد 4889
الجمعة 04 مارس 2022
banner
العقوبات الاقتصادية
الجمعة 04 مارس 2022

الخلافات بين الدول قد تقودها لاتخاذ عدة إجراءات ومن هذه الإجراءات نجد “العقوبات الاقتصادية”، ولهذه العقوبات الاقتصادية عدة آثار منها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. وكلما كانت العقوبات ثقيلة كان أثرها ثقيلا وفاعلا، ولهذا بالطبع يتم اللجوء لها. وهذه الأيام قفزت فكرة العقوبات الاقتصادية للسطح بسبب منع روسيا من الاستفادة من نظام “سويفت”.
إن نظام “سويفت” يعتبر من أهم سلاسل العمود الفقري الذي يسند العمل المصرفي. ومن الناحية العملية، يطبق نظام “سويفت” لتبادل الرسائل في مختلف العمليات المصرفية، مثل مطابقة أوامر الزبائن بين الجهات العديدة المتداخلة بالعملية والتصديق عليها، كما يطبق في التحويلات النقدية الخاصة بالعمليات ونتائج التسوية، وأيضا في التصديق على تنفيذ عمليات التداول وتسويتها بين الأطراف المعنية، ويمكن تطبيق نظام سويفت في كافة العمليات المتعلقة بالتغير في أرصدة الزبائن. ويعتبر “سويفت” بديلاً متطوراً لطريقة الـ “تلكس” الذي كان مستخدما منذ مئات السنين بطرق تقليدية لا تتماشي مع سرعة المعاملات في هذا العصر الرقمي. ونظام سويفت يغطي جميع المراسلات المتعلقة بالتعاملات المالية والبنكية التي تتم بين البنوك والمؤسسات المالية، حيث يوفر هذا النظام الحماية والسرعة الكاملة المطلوبة لمثل هذه التعاملات ومتابعة تسليمها للجهات المعنية. وتستخدم البنوك نظام “سويفت” لإرسال رسائل موحدة حول عمليات تحويل المبالغ فيما بينها، وتحويلات المبالغ للزبائن، وأوامر الشراء والبيع للأصول، والعديد من المعاملات المصرفية اليومية التي يطلبها الزبائن.. وبسبب حظر ومنع روسيا من هذا النظام، فإنها لن تتمكن من تقديم كل هذه الخدمات الهامة أو الاستفادة منها، وقطعا هذا الإجراء سيضغط في مفاصل الاقتصاد الروسي ويؤثر على كافة عملياتها المصرفية.
 من الناحية التاريخية،  وفي 2014 عندما دخلت روسيا في شبه جزيرة “القرم” فكر العالم في حرمان روسيا من نظام “سويفت”. وكرد فعل قررت روسيا حماية نفسها وأقامت نظام “سويفت” خاص بها، وأهمية النظام الروسي البديل، ويطلق عليه اسم “مير”، تكمن في إمكانية خلق نظام أو أنظمة بديلة للقيام بدور نظام “سويفت” العالمي. وهذه نقطة قد تحسب من نقاط الضعف في نظام سويفت وذلك لإمكانية وجود البديل المناسب. وكذلك، في نفس المنحى نقول إن الصين، ذات البعد الاقتصادي العالمي الكبير، لها نظام تحويلات أيضا خاص بها بعد الخلافات التجارية مع أميركا. 
   وللتوضيح، فإن كلمة “سويفت” المستخدمة في كل العالم بنفس اللغة الإنجليزية، هي اختصار لجملة “جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك” وهي منظمة تقدم خدمة المراسلات والتحويلات الخاصة بالمدفوعات المالية وبتكلفة مالية مناسبة، وجميع البنوك تستخدم “سويفت” للحاجة الماسة له. ونشأت فكرة “سويفت” في نهاية الستينات من القرن الماضي مع تطور التجارة العالمية وزيادتها، إذ تكونت منظمة “سويفت” في العام 1973 ومقرها الرئيس بلجيكا. وهذا النظام العالمي الموحد يملكه المئات من البنوك والمؤسسات خاصة وأن الهدف من تكوينه منع احتكار هذه المعاملات المصرفية الهامة في يد جهة معينة أو بلد واحد، ومن هذا التكاتف الدولي ووحدة الهدف يستمد نظام سويفت قوته وفعاليته إضافة لأهميته البالغة والمباشرة في العمل المصرفي والتجاري.
إن اللجوء إلى منع روسيا من الاستفادة من نظام “سويفت” غرضه إحكام الضغط على الاقتصاد الروسي. وفعليا، ومن واقع البيانات المتوفرة، تراجعت العملة الروسية “الروبل” بشكل ملحوظ وتوقفت معظم معاملاتها وتبادلاتها التجارية مع العالم، وتدخل البنك المركزي الروسي بسبب تأثر سعر الفائدة، ونظرا لانهيار أسعار الأسهم تم قفل بورصة موسكو، وللمزيد من الضغط تم منع الطيران الروسي من دخول أوروبا وأميركا، اضافة لإجراءات أخرى. ونستيطع القول، إن نظام “سويفت” أصبح سيفا في يد العالم ونأمل أن تحسن هذه اليد استخدام السيف “لأن القوة ليست في السيف المهند وإنما في اليد التي تستخدم هذا السيف”. ونظام “سويفت” البنكي الآن يستخدمه العالم في العقوبات الاقتصادية، ونأمل حسن استخدامه لتحقيق الفائدة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية