العدد 4886
الثلاثاء 01 مارس 2022
banner
سيدة الشاي
الثلاثاء 01 مارس 2022

أثناء عودتي للمنزل يوم أمس الأول، بوقت متأخر، كان بحدود الساعة الحادية عشرة مساء، استوقفتني سيدة منقبة أخذت لها ركنا من المساحة الترابية التي تجاور الشارع، بطاولة قديمة وعدد من “دلال” الشاي وإلى جوارها أكوام من الأكواب الورقية.

ركنت السيارة بهدوء، ونزلت مندهشاً من بقائها لهذا الوقت وهي تعمل وتكد، وبعد حديث عابر، اشتريت خلاله كوبا من الشاي، عرفت أنها امرأة تعول أسرة، وأن زوجها متوفى، وأنها تتنقل من مكان إلى آخر لبيع الشاي الذي تبرع في إعداده، وأية براعة؟

كوب من الشاي لا يتخطى سعره المئة فلس، برزق حلال، صاف، أبقى هذه السيدة كريمة الخلق في هذا المكان وحدها إلى هذا الوقت، وهي تنظر بأمل للسيارات العابرة وكلها ثقة في الله عز وجل، وفي أنها لن تعود إلى منزلها خالية الوفاض.

وعرفت منها أيضاً أنها سعيدة جداً بالرزق الحلال البسيط والمحدود الذي تجنيه مساء كل يوم، والذي يبقيها أحياناً لتسع ساعات على الأرصفة.

هذه السيدة كريمة الخلق، تذكرنا بشكل مناقض، بمن لا يرضون بما كتب الله لهم من رزق، ونعم، وصحة، وأسرة، وأولاد، ووظيفة، فيأخذون المسلك الأسهل لنيل المكاسب الأخرى.

هذه السيدة التي تبيع الشاي هي بواقع الحال غنية، بخلاف الكثير من البخلاء ممن يملكون الثروات الطائلة، لكنهم بواقع الأمر فقراء، ولكنهم لا يعرفون ذلك.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .