العدد 4864
الإثنين 07 فبراير 2022
banner
الطفل ريان ونبوءة الوحدة العربية
الإثنين 07 فبراير 2022

نحن في عالم لابد أن ينتصر فيه العقلاء والحكماء مهما طال الأمد، ومهما استفحلت الشرور وقويت شوكتها وانطلقت مندفعة لا تعرف لأهدافها حدا ولا نهاية، ستبقى الطيبة تحتل مساحة عظيمة في قلوب البشر، وما حصل للطفل المغربي ريان علمنا أن المآسي توحد الشعوب وليس الأفراح، وأن أية حادثة مشابهة تترك أثرا عميقا في النفوس وتزلزل الكيان، فالأمة العربية وبأجهزة إعلامها الضخمة تركزت أنظارها في منطقة واحدة في نوع من الترابط الجميل، وتقاطر الملايين بغية مشاهدة عملية إنقاذ الطفل، وتحولت وسائل التواصل الاجتماعي إلى أرض مشتركة أو مدينة واحدة تفوح من تربتها الدعوات والابتهالات دون الالتفات إلى معايير أخرى، وكل الفضائل الإنسانية انبثقت منها وتفرعت عنها، وكل ذلك بسبب طفل قدر له أن يبارك حياتنا بالعمل والتلاحم بالسواعد وقت الشدائد.
الطفل ريان لم يسقط في بئر عميقة، بل في بحيرة مقدسة ستنبت الأبطال وتهتدي بنورها الأجيال، فمن هذا المكان “يفترض” أن نفهم الحياة وكيف نعيشها متزنين ومستقري الوجدان، لأن القضية أكبر من رعاية الأطفال وإغاثة المنكوبين وإطعام الجياع ومعالجة المرضى وتعزية الحزانى، القضية كما يصفها الكاتب الروسي “باسترناك” أننا مجرد ضيوف في هذا الوجود، ومسافرون بين محطتين، ينبغي أن نبحث عن الطمأنينة داخل أنفسنا، وأن نبحث في قرارتها عن صورة مقنعة لعلاقتنا بهذا الوجود الذي لا نمكث فيه طويلا، بدون هذا لن تكون لنا حياة. ينبغي أن نبعث الروحانية داخلنا وداخل عقائدنا بطريقة الشعور وأسلوب التفكير.
شكرا ريان لأنك أهديتنا الشعور المشترك بالمصير الواحد، وربما النبوءة التاريخية وهي الوحدة العربية التي انتظرناها مئات السنين.. شكرا ريان فأنت أكبر من قارة كما قال الشاعر الجزائري الراحل مالك حداد.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .