العدد 4859
الأربعاء 02 فبراير 2022
banner
عن سلام اليمن وإرهاب الحوثي
الأربعاء 02 فبراير 2022

دخلت الأزمة اليمنية نفقا مظلما في الآونة الأخيرة، لاسيما بعد أن بلغ إرهاب الحوثي حدا لا يمكن الصمت عليه، أو السكوت تجاهه. لم تعد قضية الإرهاب الحوثي قضية يمنية داخلية، يحاول فيها فريق الشر والإرهاب كسب معركة أو معارك على الأراضي اليمنية التي تعيش مأساة حقيقية حولت البلد السعيد إلى جحيم مقيم، بل باتت إشكالية إقليمية تؤثر على أمن وسلام إقليم برمته، وعلى أمان واطمئنان سكانه.

لا يبدو إطلاق الصواريخ الباليستية على دول الجوار، لاسيما المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، أمرا يمكن التساهل معه دوليا، غير أن نظرة أعمق للمشهد توضح لنا أن الحوثي ليس إلا دالة لمدلول واضح للعيان، الأ وهو إيران.

الذين يتابعون الصحف والمجلات الأجنبية، لاسيما الأميركية، في الأسابيع الأخيرة، يدركون أن هناك فاصلا كبيرا بين إدارك الإعلام والرأي العام لواقع حال الحوثي الإرهابي من جهة، ولتصريحات السياسيين والذين أدمنوا اللعب بل والغزل على المتناقضات من جانب ثان. يرى الشارع وأصحاب كبار الأقلام أنه لابد من اتخاذ إجراء حاسم وحازم مع إيران، ومنعها من تهريب الأسلحة إلى الحوثي، غير أن الإدارات الحكومية الغربية لاسيما الأميركية، لا تبالي بالمشهد، ولا حتى بالتقارير الدولية التي تصدر عن المؤسسات الأممية.

قبل نحو أسبوعين تسربت من الأمم المتحدة بعض الأنباء عن التقرير الخاص بتهريب الحرس الثوري الإيراني أسلحة وبكميات كبيرة للحوثيين، ومنها ما يدخل في صناعة الصواريخ الباليستية، وقد خيل للمراقبين أن مجلس الأمن الدولي سيطالب بعقد جلسة فورية واتخاذ قرارات صريحة وواضحة لقطع الطريق على تشجيع الإرهاب الحوثي إيرانيا، غير أن شيئا لم يتحرك، وكأن هناك حالة من التواطؤ الدولي مع ما يجري هناك على الأرض، وهو أمر يتسق والسعي الأميركي المهموم والمحموم وغير المفهوم لعقد صفقة مع الإيرانيين بأي ثمن وتحت أية ظروف. لم تتعلم إدارة بايدن من تجربة اتفاق 2015 سيئ السمعة خلال إدارة أوباما، وهاهي اليوم لا تحفل بما يجري لأقرب حلفائها في المنطقة جراء اعتداءات الحوثي.

موقفان يعكسان التناقض الواضح والفاضح في الداخل الأميركي تجاه اليمن ومأساتها: الأول: عبرت عنه مجلة ناشونال إنترست الأميركية ذائعة الصيت، وقد تحدثت بإسهاب عن رفض الحوثيين كل مساعي التوصل إلى حل دبلوماسي، واختيارهم عوضا عن ذلك مسار العنف، بما في ذلك ضد المدنيين والأهداف المدنية.

المجلة الأميركية تؤكد على أن إيران وفيما تشغل العالم بمفاوضات جوفاء في فيينا، يعرف القاصي والداني أنها ليست سوى تسويف للوقت وبهدف بلوغ نقطة لا رجعة فيها من امتلاك السلاح النووي، في الوقت عينه تدعم الحوثيين في اليمن، وحزب الله في لبنان، وميليشيات الحشد في العراق، ووكلائها الآخرين في سوريا، هذا فضلا عما يبدو غائبا عن أعين الكثيرين من تحركات لها في داخل القارة الأفريقية.

الثاني: تصريحات بعض المتنفذين في عالم السياسة الأميركية من نوعية المستشار دنيس روس، والذي يرفض وصم الحوثيين بالإرهابيين بحجة إتاحة الفرصة لإنجاح المفاوضات السلمية.

قتل الحوثيين السلمية مرة وإلى الأبد.. الرهان الآن على الذات العربية وليس على الآخرين.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .