العدد 4847
الجمعة 21 يناير 2022
banner
يا الحوثي.. إلا "بيت الشعر"
الجمعة 21 يناير 2022

لم تكن الجريمة الإرهابية التي نفذتها ميليشيات الحوثي الانقلابية ضد منشآت مدنية على الأراضي الإماراتية في العاصمة أبوظبي يوم الاثنين الماضي، والتي أسفرت عن وفاة ثلاثة أشخاص مدنيين وانفجار ثلاثة صهاريج نقل محروقات بترولية، سوى محاولة يائسة من قبل هذه الميليشيات والقوى التي تقف خلفها لصرف الانتباه عن خسائرها العسكرية المتفاقمة، وانهيار جبهاتها القتالية في جنوب اليمن بعد سيطرة ألوية قوات العمالقة بدعم من التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن على محافظة شبوة وتحركها باتجاه تحرير محافظتي البيضاء ومأرب من قبضة هذه الميليشيات، ومحاولة الزعم بتحقيق إنجاز نوعي يحسن ولو جزئياً من صورتها أمام أتباعها والداعمين لها، حتى ولو كان من خلال ارتكاب جرائم بحق المدنيين وبصورة منافية تماماً لكل الأعراف الدولية.
وكما يقال فقد "انقلب السحر على الساحر"، فهذه الجريمة الإرهابية النكراء، التي أرادت ميليشيا الحوثي الإرهابية من خلالها تصدير أزمتها الداخلية للخارج وتحسين صورتها عبر انتصارات وهمية، جاءت لتعزز أزمة هذه الميليشيات وتكشف وجهها الحقيقي بوصفها جماعة إرهابية تشكل خطراً على الأمن الإقليمي برمته، وليست طرفاً يمكن الحوار أو الحديث معه لبناء سلام مستدام يخدم مصالح الشعب اليمني والأمن الإقليمي. 
وربما كان خطأ هذه الميليشيا الأكبر هو تفكيرها في استهداف دولة الإمارات، دون أن تعي عواقب ذلك، فالإمارات دولة سلام وتسامح، وهي صديقة لجميع دول العالم وقواه، واستهدافها بهذا العمل الإرهابي الجبان بعث رسالة واضحة للمجتمع الدولي كله أن هذه الميليشيا لا تستهدف سوى تهديد الأمن والاستقرار الإقليمي، ومن هنا جاء التضامن العالمي الواسع وغير المسبوق مع دولة الإمارات في مواجهة هذا العمل الإرهابي، والذي فرض مزيداً من العزلة والغضب الدولي على هذه الميليشيا الإرهابية، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، لم تدرك ميليشيا الحوثي وقيادتها عواقب رد الفعل الإماراتي على مثل هذا العمل الإجرامي، فالإمارات أثبتت بوضوح خلال العقد الماضي أنها قوة عسكرية لا يستهان بها، وهي قوة بالأساس لخدمة الاستقرار وحماية الأمن الوطني، وبالتالي فإن محاولة استهداف الأمن الوطني من خلال هذه الهجمات العبثية، استدعى ويستدعي رداً عسكرياً حاسماً وحازماً من الإمارات وقوات التحالف العربي بصورة عامة، وهو ما تجلى بوضوح في البيان الذي أصدرته وزارة الخارجية والتعاون الدولي، والذي أكد بحسم أن الاستهداف الذي تعرضت له المنشآت المدنية الإماراتية لن يمر دون عقاب، وأن الإمارات تحتفظ بحقها في الرد على تلك الهجمات الإرهابية، وتجلى بصورة أوضح في تكثيف العمليات العسكرية التي شنتها وتشنها قوات التحالف العربي لاستهداف ميليشيا الحوثي الإرهابية في صنعاء ومناطق متفرقة من اليمن.
وهذا الموقف الإماراتي الحاسم يبعث رسالة واضحة لا تقبل التأويل مفادها أن دولة الإمارات لن تتهاون في العمل من أجل حماية أمنها الوطني وردع من تسول له نفسه الإضرار به، وهو ما أكد عليه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بقوله: "توقف الأمور لمّا توصَل بيت الشَعَر"، لأنه عندما تصل الأمور لـ "بيت الشعر" والتعدي على الأرض والعرض، فحينها لن يجد الحوثي ومن يدعمه منّا سوى لغة النار، لأن الوطن لا يفرط به، والدفاع عنه فرض. 
وهذا الحسم الإماراتي في مواجهة الميليشيات الحوثية وغيرها من الجماعات المتطرفة والإرهابية التي تعمل من أجل نشر الفوضى والإرهاب والعنف في منطقتنا والعالم، يجب أن يترافق مع حسم مماثل من قبل المجتمع الدولي برمته في مواجهة هذه الميليشيات وممارساتها وأعمالها الإجرامية التي تشكل انتهاكاً سافراً بحق الإنسانية وخرقاً خطيراً للمواثيق والقرارات الدولية التي تحمي المدنيين في أوقات السلم والحرب، وجرائم حرب مكتملة الأركان، فالاكتفاء بعبارات التنديد والتضامن مع دولة الإمارات ليس كافياً، بل ينبغي على المجتمع الدولي وخصوصا الولايات المتحدة الأميركية أن تمارس ضغوطاً أشد وتتخذ إجراءات أقوى في مواجهة جرائم هذه الميليشيا، من بينها على سبيل المثال لا الحصر تصنيف جماعة الحوثي في قائمة الجماعات الإرهابية، وتعزيز التعاون مع قوات التحالف العربي لردع هذه الميليشيا والتأكيد عملياً على استمرار التزامها بأمن حلفائها في الخليج العربي.
إن الخطر المتصاعد الذي تشكله ميليشيات الحوثي الإرهابية على الأمن والسلم الإقليمي والدولي والذي كشفته هذه الجريمة الإرهابية على المؤسسات المدنية في أبوظبي وقبل ذلك على المدنيين في السعودية واليمن واستهداف الملاحة البحرية لا يمكن الصمت عليه أو تجاهله من جانب المجتمع الدولي، ليس فقط لأنه يشجعها على التمادي في ممارساتها العدائية، إنما أيضاً لأنه يبعث رسالة للميليشيات الطائفية والمسلحة المنتشرة في العديد من دول المنطقة، والمدعومة من نفس القوى الإقليمية، ويجعلها تتبنى نفس السلوك الذي ينتهك القانون الدولي ولا يقيم وزناً للسيادة الوطنية للدول، والنتيجة هي تفاقم حالة الفوضى وعدم الاستقرار التي تشهدها المنطقة.

 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .