+A
A-

"الإسكان" و"التربية" كعكعة المرشحين للانتخابات المقبلة

قبل أيام استلم جمع من أهالي إحدى الدوائر الانتخابية، رسالة واتساب من مرشح محتمل، يدعوهم فيها لتزويده ببياناتهم بوزارة الإسكان، لمتابعة طلباتهم ورفع رسالة توصية للوزارة، للتسريع بصرف الوحدات السكنية لأصحاب الطلبات القديمة، تحديداً.

الرسالة استقبلها الأهالي بسخرية، وامتعاض، وتهكم، ومنهم من غرد، وكتب، وهاجم، متهماً هذا المرشح، بمحاولة المزايدة على احتياجات الناس، وطلباتهم، لدغدغة المشاعر لأسباب انتخابية ليس الا.

هذا الفيلم الدراماتيكي، يقودنا مباشرة الى العد التنازلي الذي تشهده المملكة الآن، قبيل شهور عدة من الانتخابات البرلمانية والبلدية القادمة، والتي تأتي في ظل ظروف استثنائية صحية غير مسبوقة عالمياً، دفعت البعض للتساؤل عن إمكانية طرح التصويت الاليكتروني كخيار استراتيجي، حفاظا على صحة الناس، ومنعا لتفشي الفيروس.

وعودة على ما أسلفنا بذكره في بداية التقرير، فلقد رصد المراقبون للمشهد الانتخابي بشكل دوري يستبق كل موسم ترشح وتصويت، الوزارات الأكثر تضررا من مزايدات المرشحين، أو حتى النواب والبلديين الذين يعيدون ترشيح انفسهم مرة أخرى، على رأسها الإسكان والتربية والتعليم.

فالأولى تعني بتوفير السكن، والثانية تعني بالتوظيف لقطاع من أكبر القطاعات الحكومية، يضاف اليها ضخامة مهام ومسئوليات القطاعين التربوي والتعليمي، وتشعب مشاكلهما ومطالبات منتسبيهما على حد سواء، من معلمين وطلبه واداريين وغيرهم.

الإسكان والتربية توصفان من قبل البعض اليوم بـ"الكعكة الانتخابية" الشهية للمرشحين، سواء عبر المزايدة، أو اطلاق سيل الاتهامات، أو التشكيك بجدوى المشاريع، أو التربص لمواقع الخلل، وتضخيمها، وسكب البهارات عليها.

كل ذلك، لكي يظهر المرشح لنفسه بأنه يرى ما لا يراه غيره، وبأنه الأكثر تفهما لما يريده المواطن، وبأنه "لا يخاف" وقادر على توصيل الصوت، وكأن المجلس يترقبه بفارغ الصبر، وكذلك الجمهور، والاعلام، والشاشات.

إن الانفلات الذي تشهده المواسم الانتخابية والذي يبدأ قبلها بشهور وربما بعام أو أكثر، يكون ضرره العميق أكثر من أي أمر آخر، الأمر الذي يؤكد على ضرورة وضع الضوابط القانونية والتشريعية للإطار الانتخابي نفسه، حفاظاً على سمعة مؤسسات الدولة والأفراد.

ومما لاشك فيه، بأن الهواتف الذكية، والتطبيقات الجديدة، ومنصات الاعلام الحديث، مكنت المتردية والنطيحه لأن يكون لهما صوت في المجتمع، وحولت قنوات الاتصال الحديثة والتي وجدت للتنوير ولبناء النهضة في المجتمعات، لتحقيق التكسبات الشخصية هنا، والمنافع الذاتية، وأن كانت على أي اعتبارات وحسابات أخرى.

في موسم الانتخابات القريب، سنشهد أفلاما لا حصر لها، وتمثيليات، ومسرحيات، وشد وجذب، وتغير في الحال النفسي للكثير من الأفراد، بل وانقلاب كامل في سلوكهم، وهو أمر يحمل المواطن الكثير من المسئوليات في حسن الاختيار.