لم يبق شخص أو مؤسسة تعليمية أو أجهزة إعلامية لم تتطرق إلى العادة الاستهلاكية الخاطئة التي يمارسها البعض في مأكلهم ومشربهم وملبسهم واقتنائهم الكماليات التي ليست ضرورة في حياتهم، إنما كما يقولون تقليد أعمى! فهل يعقل حسب المصادر الرسمية التي نشرت التقرير إنفاق ١٤٦ مليون دينار على الملابس والأحذية “أعزكم الله” خلال عام ٢٠٢١! صدق أو لا تصدق، في حين بلغ الإنفاق خلال عام ٢٠٢٠ مبلغ ١١٣ مليون دينار! بزيادة بلغت ٣٠ %! هذا التقرير نشرته صحيفة محلية نقلًا عن إحصائيات الدفع الإلكتروني والبطاقات الائتمانية المصرفية، ناهيك عن طريق الشراء المباشر نقدًا! والأغرب من ذلك أنه يخص البحرينيين لا غير! الأمر الذي أعتبره طامة كبرى، والأدهى من ذلك أن تحصل هذه الزيادة المضطردة في وقت يعاني فيه الناس من وباء كورونا والأزمة الاقتصادية الخانقة التي طالت العالم كله.
شخصيًا توقعت انخفاضًا كبيرًا في الإنفاق والتركيز على الأساسيات، خصوصا أن نمط وأسلوب الحياة تغير بسبب هذا الوباء، فقد توقفت التجمعات والمناسبات الاجتماعية والأفراح والأتراح والسفر وغيرها من العادات التي كانت سائدة. إذا هناك خلل وتناقض صارخ في ممارساتنا اليومية وأسلوب معيشتنا، الصرف الجنوني وغير العقلاني نراه بأم أعيننا، الصرف على كل ما هو غير مهم، فبالله عليكم أي راتب يمكن أن يتحمل هذه المصاريف التي لو تم التحكم بها لكانت حياتنا أفضل بكثير، غريب أمرنا، فنحن دائما نشتكي محدودية الراتب وفي نفس الوقت لا نحاسب أنفسنا في طريقة إدارة أموالنا.
لقد أصبح الجميع يريد أن يعيش حياة البذخ والصرف غير العقلاني، بل نفس حياة ومستوى الطبقة البرجوازية، ولا يريدون أن يطبقوا عليهم المثل الشعبي “مد رجلك على قد لحافك”، فقليلًا من الوعي والعقل هو ما نحتاجه فقط لا غير. أتمنى أن نقوم جميعًا بمراجعة أنفسنا وأن نتجرد من هذه الممارسات الاجتماعية الخاطئة لنعيش حياة مريحة، ولا نكون تحت ضغوطات القروض الشخصية التي تجني ثمارها في المقام الأول المؤسسات المصرفية لا غير. أتمنى أن نقوم بدراسة ومراجعة أولوياتنا، وكما يقولون “القرش الأبيض لليوم الأسود”، فقد تصادفك أيام عصيبة مختلفة من ظروف عائلية ومرضية وغيرها من الأمور التي قد نتفاجأ بها دون سابق إنذار. والله من وراء القصد.