العدد 4831
الأربعاء 05 يناير 2022
banner
تحديات السلام في العام الجديد
الأربعاء 05 يناير 2022

جرى العرف أن يكون الأول من يناير من كل عام يوما للسلام العالمي، ما يطرح تساؤلات عديدة حول مآلات السلام العالمي، والعقبات التي تقف في طريق البشرية وتسد مساراته وتغلق مساقاته أمام الأمم والشعوب.


هل يعني السلام غياب الحروب فحسب؟ الشاهد أنه جانب واحد من جوانب السلام العالمي، ومع أهميته يبقى جوابا ناقصا، يأخذ الجانب السلبي فقط من القضية، بمعنى أنه يتوقف عند أقل الحدود والمطامح، فيما السلام الإيجابي الخلاق هو القادر على تغيير الأوضاع وتبديل الطباع، وقيادة البشرية عبر دروب التنوير ومفارقة طرق العتم. لا سلام بين الأمم من غير سلام بين أتباع الأديان المختلفة، هكذا تكلم “هانز كوينغ”، المفكر واللاهوتي السويسري الذي رحل منذ فترة قريبة عن عالمنا، وقد استشرف في مشروعه الأخلاقي للعالم الحاجة إلى تصالح وتسامح حقيقيين، بين جميع الأمم والشعوب، من أجل بدايات إنسانوية مغايرة لما درجت عليه الشعوب من تناحر وصراع.


يحتاج السلام الإيجابي إلى إرادة لا تتوافر إلا للقادة الشجعان القابضين على جمر الرغبة الحقيقية في إنهاء عصور التكلس والسيكولائية الاجترارية، قادة يعملون بعزم ويفكرون بحزم، يقفزون على العداوات التاريخية، ويفتحون أفقا بل آفاقا واسعة تغمرها أضواء البهجة والتعاون، يعبدون لها الطرقات، قادة يطبعون سيوفهم سككا ورماحهم مناجل، لا ترفع فيهم أمة على أمة سيفا، ولا يتعلمون الحرب فيما بعد.


ولعل أنفع وأرفع طريق للسلام، هو فتح أبواب الحوار، وهدم الجدران التي تقام لمنع الجوار، فللسلام جسور لابد من عبورها من اتجاهين، وحتى لا تقوم الجدران في النفوس والقلوب وصولا إلى العقول، الأمر الذي يقود من غير شك إلى التوسع في ضجيج الحروب والنزاعات، ذاك الذي يصم الآذان. يحتاج عالمنا من أجل السلام إلى حكماء وفهماء، إلى مشيرين يعرفون تلك العطية السامية، وربما لهذا تحدث أفلاطون في جمهوريته عن فلاسفة يحكمون العالم لا سياسيين، إذ يدرك الذين لهم دالة على الحكمة، قيمة السلام في بناء الأجيال من أجل النماء والحياة يوما تلو الآخر.


على أن السلام المنشود لا يمكن بحال من الأحوال أن يقوم من غير عدالة اجتماعية، فغيابها يعني أن تظل موازين الحياة غير منضبطة، ما يسمح للصراعات الطبقية أن تنمو، وقد عانى العالم من تبعاتها ولا يزال حتى الساعة. “المقال كاملا في الموقع الإلكتروني”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .