العدد 4825
الخميس 30 ديسمبر 2021
banner
“الحسد والفال”
الخميس 30 ديسمبر 2021

ليس في الفناجين سوى عطر القهوة، وليس صحيحا أنها تغير مصائرنا، وليس صحيحا أن الأبراج ترسم أقدارنا، فهي ليست إلا تواريخ وأيام ولدنا بها، وليس صحيحا أن رمية الفال تجلب لنا الأرزاق، والسماء لم تتغير، تمتلك تلك الغيوم كما هي، والسحب الأبدية منذ رحلة النبي نوح “ع” وإبحاره إلى الأقدار الجديدة، فلم يتأمل سوى زرقة السماء وروحه المؤمنة أن يجد برا آمنا.
وتبقى النجوم وحدها تشق خواطرنا وترمي خيوطها على أجفاننا، لكن الحال ليس كالحال السابق، حيث طرأت على مجتمعاتنا عناصر حديثة مع حداثة العالم، وذهبت بعض المجتمعات الأخرى مع مجموعة قليلة من مجتمعنا إلى العلوم وتلك التكنولوجيا، ومجموعة أخرى أصبحت مهنتها الحسد والغيرة والعنصرية، وهذه مركبة فقط على عقل الجاهل ولا يمكن أن تكون من صفات الوعي والثقافة والاطلاع والفكر المتنور، وبالطبع هذا لا يأخذ الناس إلى مفهوم أن الجهل صفة من لا يقرأ ويكتب، بل من يحمل في عقله وقلبه تلك الصفات.
لأن البسطاء حتى من الأميين من أجدادنا ليس لهم سوى انتظار الفجر ليأتي، بل لا مانع لديهم أن يبقى الليل كما هو هنا، ولا مانع أن يعيشوا على ضوء شمعة أو فانوس، يفترشون مشاعرهم وعلى الجدران العتيقة يكتبون قصائدهم، فلم تدخل علينا من عالم الحداثة بصورة ظاهرة إلا علامات وصفات الحسد والعنصرية، ورجع فينا الزمن إلى صراع الوجود.
وابتعدنا عن سماء أجدادنا الزرقاء التي كانت أكبر طاردة للحسد، لقد عشنا في جيل يحمل من الفطرة عفويتها، وكنا نصدق ما تتمناه جدتنا وهي تحرك خاتمها ذا الشذرة الزرقاء فتشعر وكأنها تدير عربة الزمن وتستحضر وجه أبنائها وأحفادها وتحميهم من شر الحسد، فالناس هناك بسطاء ويقتنعون بقليل من الحنطة والتمر.
اليوم أصبح كل شيء يخطط له حتى السلام أصبح مهمة وله جانب من التفكير، فهناك من يفكر قبل السلام هل هذا يستحق أو لا! أم هل لي مصلحة أقضيها معه أو لا؟ أما اليوم أشعر أن الحقيقة تناديني من فوق الأسطح وهي تقول: “شذرة خاتم جدتي لم تق مجتمعنا من الحسد والعنصرية”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية