العدد 4779
الأحد 14 نوفمبر 2021
banner
أجبن الجبناء
الأحد 14 نوفمبر 2021

أستذكر في كل يوم ولحظة، حجم المسؤولية الأخلاقية والمهنية الملقاة على عاتقي كصحافي، وكاتب وطني، واجبي الأول والأخير أن أكتب عن أبناء بلدي، وعما يريدونه.
كما أن هذا الواجب الذي يتطلب وصل الناس مباشرة، هو قناة من قنوات الإصلاح بدور تمثله السلطة الرابعة، فإنه واجب مبتور وميت وبلا طعم ولا رائحة متى ما غاب التجاوب من الجهات المختصة، أو المسؤولة، أو القادرين على تقديم الحل، والنجدة.
دور الصحافي، أو النائب، أو البلدي، أو الناشط، عديم الجدوى، متى ما غاب حس الشراكة المجتمعية، والحس الإنساني الداخلي، والمسؤولية تجاه الآخرين، وهي مسؤولية تنبع من القيم نفسها، وبيئة التربية، وساس الجود والكرم، وبقية هذه الخصال الحميدة.
وأتذكر أنه قبل عشر سنوات تقريباً، تلقيت اتصالاً من قبل سيدة تعاني طفلتها الصغيرة من مرض عضال، وبحاجة ماسة لـ 2000 دينار لإكمال بقية مبلغ فاتورة العلاج، فباشرت فوراً التواصل مع أحد المقتدرين جداً، ممن توسمت بهم الخير (وكنت مخطئا) فعرضت عليه الموضوع، وقلت له بالحرف “فرصة لنيل الأجر، والأحرى بك شكري عليها، فماذا قال برأيكم؟
تسلل إلى أذني عبر أسلاك الهاتف صوت ضحكته العالية، وكأنه يقول: هل جننت؟ 2000 دينار! هل جننت؟ لحظات قبل أن يقول لي بذكاء: دون هذا الرقم. بعد أن دونته، أكمل قائلاً: هذا رقم الجمعية الخيرية الفلانية، اتصل بها، وقل إنك من طرفي، وإن شاء الله سيساعدوك. وهو ما لم يحصل.
التجاوب مع ذوي الحاجة من الناس، نعمة لا يقدر عليها إلا الخيرون من البشر، الصالحون، الأوفياء، والذين نكتب لكي ينجدوا غيرهم، وأجبن الجبناء هو من يقدر على فعل ذلك، لكنه لا يفعل، والله المستعان.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .