+A
A-

محمد المطوع: ”سيظل التحليل النفسي وجهة مهمة لمقاربة العملية الإبداعية“

ضمن فعاليات البرنامج الثقافي لأسرة الأدباء والكتاب والذي يطرح في كل أسبوع مواضيع ثقافية وأدبية متجددة، قدم الدكتور محمد حسن المطوع، الأستاذ المشارك بقسم علم النفس بجامعة البحرين محاضرة بعنوان ”الاتجاهات النفسية في الأدب“ ركز فيها على  رواية ”السراب“ لنجيب محفوظ وهي رواية تصنف من نوع الخيال النفسي، وهي رواية نفسية تحمل أبعاد اجتماعية، أصدرها نجيب محفوظ في عام 1948 عن دار الشروق، وتعد من روائع أعمال الأديب العربي نجيب محفوظ، واكثرها شهرة حيث تصدرت المبيعات ومازالت محور إهتمام الأدباء والمهتمين بالجانب النفسي والفلسفي.

بدأ المطوع محاور المحاضرة بالحديث عن عناصر البناء الفني في الرواية كمدخل للموضوع ومن ثم أجاب عن تساؤلات هامة تعزز عنوان المحاضرة ومن أبرزها: ما المقصود بمنهج التحليل النفسي؟ وما أهم تطبيقاته على النص الأدبي؟ ما هي الشخصية في الادب وتحليلها النفسي؟ موضحاً أن القراءة التحليلية النفسية تعتبر قديمة توازي قدم التحليل النفسي بحد ذاته و قد تطورت لاحقاً لتصبح طريقة متغايرة تفسيرية و قد ينظر النقاد الى الشخصيات الخيالية بوصفها دراسات لحالات نفسية ، كما وضح الدكتور المطوع أهمية الشخصية "عندما نتأمل قصة "السراب" نجده نجيب محفوظ تارة يصف  الشخصية جسديا وتارة يصفها نفسيا، وبين هذا وذاك، فيجعله وصفًا مناسبًا للشخصية، وأدائها الفني داخل النص.  وعندما نذهب إلى البعد النفسي نجده عامل مؤثر في الشخصية، ففي القصة نجد المعاناة النفسية قد عرفت طريقها لدى "كامل" عندما فشل في أول ليلة من زواجه، وبعدها مباشرة تموت أمه تضاعف الحزن والألم عليه، فنجد الصراع النفسي الداخلي والخارجي الذي بدا على البطل إثر فشله، وحالة اليأس التي سيطرت على جوانب شخصيته، مما أثرت في مجرى الأحداث، وجعلته يتخذ قرارات لا يدري نتائجها ولا تبعاتها المستقبلية، ولا يدري أكان على صواب أم خطأ ؟ غير أن الصراع الداخلي هو الذي دفعه إلى ترك الزوجة والتوجه الى بائعة الهوى "التعويض أو الاستبدال او الاسقاط".

كما تم تطرق الدكتور المطوع أثناء حديثه بالتفصيل عن أهمية الحدث و عناصر الزمان و المكان في الرواية و الحبكة القصصية  التأكيد على علاقة الأدب بالنفس من خلال "عقدة أوديب" التي تجلت بوضوع في سياق رواية السراب.

ولم يغفل المطوع عن  ذكر أهم القضايا التي طرحت في الرواية والتي تعددت ما بين الطلاق والعنف وقضية الكحولية وتأثيرها على الحياة الأسرية والحرمان من رابطة الأخوة والتدليل المفرط والحماية الزائدة مما أثر على بناء شخصية البطل "كامل" وغيرها من القضايا الاجتماعية الهامة.

وفي ختام المحاضرة أوضح الدكتور محمد المطوع أن مقارنة فرويد في التحليل النفسي  للأدب تعتمد  على العديد في المفاهيم الخاصة بالآليات الدفاعية منها والتسامي الكبت والنكوص والتناقض الوجداني، وغيرها في المفاهيم والتبرير والقلب، وقد ناقش فرويد من خلال هذه المصطلحات العديد في النصوص الأدبية والأعمال الفنية، وسيظل التحليل النفسي وجهة مهمة للنقاد والمتخصصين، لمقاربة العملية الإبداعية، وتشريح الذات المبدعة، وما يكتنفها من غموض وأسرار. إنها رحلة من السراب عاش فيها البطل "كامل" تمثلت في قسوة الظروف والتربية وانانية الأم وجحود الأب وخيانة الزوجة  في ظل شخصية صعبة  تتضمن مجموعة من الصراعات النفسية ومجموعة من آليات الدفاع النفسي التي يستخدمها البطل. حيث ان الرواية تكاد تكون وثيقة نفسية حية لعقدة أوديب.

شارك في هذه المحاضرة الافتراضية التي أقيمت مساء الأحد الماضي عبر تقنية الاتصال المرئي عن بعد "زووم " نخبة من الكتاب والمثقفين، وأدارتها الروائية ندى نسيم.