العدد 4691
الأربعاء 18 أغسطس 2021
banner
التغيرات المناخية والأيادي الإرهابية
الأربعاء 18 أغسطس 2021

يبدو أن العالم مقبل على مرحلة جديدة من الفوضى الجيوسياسية، تساهم فيها الطبيعة الغاضبة بفصل مخيف من جهة، والأيادي الآثمة من جانب آخر. يلاحظ المرء حالة الجنون التي تنتاب المناخ العالمي، ويحتار المراقبون في القطع بأسبابها، فهناك من العلماء من يقول إن تلك التطورات المناخية، أمر طبيعي، يحدث كل بضعة آلاف من السنين، ومعه تتغير أحوال كوكب الأرض، من جليد مقيم، إلى حر الهجير، من جفاف وندرة مياه، إلى طوفان مغرق ومدمر، وقد ورد ذكر الطوفان بنوع خاص في الكتب المقدسة الدينية، وكذا في روايات الأقدمين الحضارية، كما الحال في ملحمة جلجامش.

نفر آخر يشير إلى أن الإنسانية بجشعها وظلمها الطبيعة، هي من تسبب ولا يزال، التغيرات الإيكولوجية، والتي يمكن أن تقود إلى انفجار الكرة الأرضية بمن عليها.. أنصار هذا الرأي يقطعون بأن درجة حرارة البسيطة أخذت في التصاعد منذ زمن الثورة الصناعية قبل نحو ثلاثة قرون، ناهيك عن الزيادة غير الطبيعية في استخدام الفحم الكربوني منذ قرن ونصف على الأقل، ما جعل غازات الدفيئة وفي مقدمتها ثاني أكسيد الكربون، يملأ الكرة الأرضية، ويتسبب في خسائر هائلة على صعيد البشر والحجر.

وما بين الاتجاهين، هناك جماعة تؤمن بالمؤامرة، وترى أن ما يجري عالميا، هو ضرب من ضروب الحروب البيئية، والتي تقف وراءها عقول البشر وأصابعهم.. الرأي الأخير يدفعنا إلى تكرار القول إنه إن لم يكن التاريخ كله مؤامرة، فإن المؤامرة موجودة في بطون التاريخ، وهناك من لا يفضل الاستخدام الفج للكلمة، ويستعيض عنها بتعبير المخططات الاستراتيجية، أو ما شابه.

في مشاهد الحرائق الأخيرة، تلك التي امتدت من وراء الأطلنطي، وفي الغرب الأميركي تحديدا، إلى اليونان وتركيا في نواحي شرق آسيا، ومن تونس والجزائر في شمال غرب القارة الإفريقية، إلى عمق القارة، يتساءل المراقب: "هل هذه جميعها حرائق طبيعية من أعمال القدر؟

مؤكد أن الأوضاع العالمية الأخيرة، اختلط فيها الحابل بالنابل، وهنا نؤكد أن هناك بالفعل من أخذ يسخر الطبيعة ضمن سياق المواجهات والحروب العالمية، وقد أشرنا قبل فترة إلى ما صرح به كل من، زيجينو بريجنسكي، مستشار الأمن القومي الأميركي، وهنري كيسنجر، بطريرك السياسة الأميركية وثعلبها المعاصر، بشأن امتلاك الولايات المتحدة أسلحة من هذا النوع، وساعتها اعتبر الكثيرون أننا نغالي، إلى أن صدقوا خبرنا، بعدما أكد ذلك الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، في حديث له مع صحافي التحقيقات الأميركي الأشهر، بوب وود وورد، خلال تحضيره أحد كتبه.

هل يعني ذلك أن أميركا المسؤولة عن الحرائق الأخيرة؟

بالقطع لا يمكن أن يكون ذلك كذلك، فهناك فعل للطبيعة، ولكن في الوقت نفسه تعطي حرائق الجزائر وتونس، إحساسا وشعورا، بأن هناك من قام باستغلال الفرصة لإشعال النيران في الغابات والأحراش بهدف واضح هو إظهار ضعف أنظمة الحكم، والتسبب في فوضى سياسية لا طائل من ورائها.

تحتاج التغيرات المناخية الطبيعية إرادة دولية لاستنقاذ الأرض، أما الإرهاب فليس له الإ مواجهة حاسمة لا تلين في الحال والاستقبال.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .