هل هناك ما هو أشد هولا ورعبا من نشوب حرب كونية ثالثة، تستخدم فيها الأسلحة التقليدية والنووية على حد سواء؟ يستوجب التساؤل المتقدم من المرء أن يطيل البصر فيما يجري حول الكرة الأرضية ومناخها الذي بات قنبلة موقوتة، وحال انفجارها، ستكون العواقب كارثية على النوع البشري، وربما تذهب به من الجذور، ما يعني أن هناك ما هو أخطر من الحرب الكونية بالفعل.
المتابع المدقق لقضية التغيرات المناخية، والحرب الإيكولوجية التي تشنها الطبيعة على الإنسانية، يدرك أن كل يوم تعبره البشرية من غير قرارات حازمة وجازمة، تحاول من خلالها تطييب خاطر الطبيعة إن جاز التعبير، من خلال إجراءات ترفع الغبن الذي وقع على الكوكب الأزرق منذ نحو أربعة قرون، خصوصا بعد انطلاق الثورة الصناعية، نقول كل يوم يمر، سوف تدفع البشرية ثمنه غاليا وعاليا، وإلى أبعد حد ومد.
يعن للمرء أن يسائل القارئ: "هل أتاك حديث ما جرى في الولايات المتحدة الأميركية وكندا من حرائق غير اعتيادية بسبب ارتفاع درجات الحرارة، كارتداد مباشر لظاهرة الاحترار العالمي، أو الاحتباس الحراري؟ وإذا كان مشهد غرب الكرة الأرضية قد فات البعض، فما القول في الفيضانات التي ضربت غرب أوروبا، كما الحال في ألمانيا وبلجيكا، والتي قال عنها أهل الاختصاص إنها تحدث مرة كل ألف عام؟
شيء مريب يحدث على سطح الكوكب، ربما يعرف العلماء بعض أسبابه في الحال، لكنهم من دون أدنى شك، غير قادرين على متابعة مآلاته في الاستقبال.
قبل بضعة أيام دعت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف تغير المناخ، وأكدت أن الطقس القاسي أصبح القاعدة وليس الاستثناء.
تعطي دولة فنلندا مثالا على الانقلاب المناخي الذي يسود العالم في حاضرات أيامنا، فهي بلاد تعيش حالة من التجمد المستمر والمستقر طوال شهور السنة، غير أن العام الحالي سجل أحر عام في تاريخ فنلندا، كما سجل جنوب البلاد 27 يوما متتاليا مع درجات حرارة أعلى من 25 درجة مئوية.
الذين تابعوا الصور التي بثتها وكالات الأنباء، وعرضتها المحطات الفضائية، والتي تظهر لنا الدمار الذي لم تعرفه ألمانيا منذ الحرب العالمية الثانية، وهناك مخاوف من ارتفاع منسوب كل الأنهار والبحيرات الأوروبية، وبما يهدد السدود المقامة عليها، ما يعني المزيد من الكوارث في القريب.
ليس سرا القول إن هناك علاقة جذرية بين تغيرات المناخ وهجمة البحر على اليابس، ذلك أن الثلوج في الأقطاب المتجمدة تذوب بشكل لم تعهده البشرية من قبل، ما يجعل منسوب المياه في تصاعد مخيف، ستدفع الإنسانية ثمنه من راحتها التي عرفتها منذ قرون طوال.
هل توجد إرادة سياسية حقيقية لاستنقاذ البشرية من الخطر الداهم؟
ربما تحركت الدول العربية وفي مقدمها المملكة العربية السعودية عبر مشروع التشجير الذي يساعد على تخفيف غلواء التطرف المناخي، لكن ما رأيناه في قمة الدول السبع الكبرى الأخيرة في بريطانيا، لا يبشر بخير، فلا قرارات تخص العواصم العالمية قد اتخذت لتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، ولا تسهيلات الـ 100 مليار دولار للدول الفقيرة قد يسرت.
الأرض تحترق والبشرية لاهية... فانظر ماذا ترى.