العدد 4648
الثلاثاء 06 يوليو 2021
banner
تكريم دولي مستحق
الثلاثاء 06 يوليو 2021

جاء إعلان جامعة موسكو العريقة الأيام القليلة المنصرمة، منح الدكتوراه الفخرية، لصاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ليلقى موقعه وموضعه، تكريما لقيادة عربية مستنيرة، تعمل على ترسيخ الوئام، وإفشاء السلام، وتعزيز الحوار بين أتباع الأديان والحضارات والثقافات حول العالم.

ولعل الواقع يقطع بأن مملكة البحرين باتت منارة وسط الخليج العربي تشع بأنوار التلاقي والتعاون الإنساني، وتفتح الأبواب واسعة للتعايش، انطلاقا من رؤية قرآنية إسلامية تنويرية لا ظلامية، "لقد خلقناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا". الناظر إلى البحرين الشقيقة يدرك من الوهلة الأولى أن قيادة جلالته الحكيمة، سارت بالبحرين في درب ترسيخ قيم التسامح والتعددية، وهي قيم ما أحوج عالمنا المعاصر إليها، حيث القوميات تتصاعد، والشوفينيات تتمدد، ناهيك عن الأصوليات الخبيثة التي لا تقبل بوجود الآخر من الأصل، والمؤكد أن الناظر لما يجري حول العالم يستطيع أن يرصد درجة غير مسبوقة من الإرهاب والتطرف العنيف بكل أشكالهما وصورهما، وقد باتا من أخطر وأشد التهديدات المؤثرة على الروحية الدينية الموحدة، والأمن العالمي وازدهار الإنسانية.

إننا نرى من حولنا آيديولوجيات التطرف والإرهاب، تلك التي تتناقض مع الطبيعة الروحية للأديان، ونشاهد محاولات مستميتة من الإرهابيين لزرع التشدد في المفاهيم العقائدية والدينية للمتدينين، الأمر الذي يلحق ضررا جسيما بالقيم الروحية والإثراء المتبادل بين الشعوب، ويهدد الاستقرار والأمن الأممي حول البسيطة. في نهاية كتابه القيم والمعنون بـ "الإسلام رمز الأمل"، يضعنا اللاهوتي السويسري الكبير "هانز كونج"، أمام معادلة مثيرة، تتصل بحال العالم الذي يعاني من تصاعد المد الأصولي والإرهاب المتفاقم، ذاك الذي يحيل أمن العالم إلى قلق وسلامه إلى أرق.. المعادلة في واقع الأمر تتصل بأحوال أتباع الأديان التوحيدية الثلاث حول العالم، اليهودية والمسيحية والإسلام، والذين يبلغون نحو أربعة مليارات نسمة تقريبا، وتتمثل المعادلة في التالي: "لن يكون هناك سلام بين الأمم بدون سلام بين الأديان، ولن يكون هناك سلام بين الأديان، بدون حوار بين أتباع الأديان".

لابد للعالم إذا من قاعدة للفهم والتفاهم المتبادل دوليا، وللوصول إلى هذا التفاهم المشترك لابد من الحوار بين الأديان وأتباعها، والحضارات وأبنائها، فهذا الحوار هو السبيل القويم لدعم قيمة التسامح والتعايش بين البشر، ولمواجهة كل أشكال التطرف والإرهاب، ودرء المخاطر التي تهدد الحضارات والأديان والتي تمثل صمام الأمان وحصن السلام للبشرية جمعاء.

ولعل الحقيقة التي لا مراء فيها هي أنه ليس هناك من شك في أن عالمنا المعاصر بأشد الحاجة إلى التضامن الفعال من أجل درء خطر الإرهاب، والقضاء عليه حتى يعم السلام في هذا العالم الذي نعيش فيه، والذي هو عالمنا جميعا.

أدركت مملكة البحرين هذه الحقيقة منذ وقت مبكر، لهذا بادرت في ظل توجيهات جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة إلى رعاية العديد من الأنشطة والفعاليات، بل والمشروعات الإنسانية التي تدعم هذا التنوير الإيماني والوجداني، الساعي لانتشال المنطقة والعالم من وهدة الكراهية والخصام، ولعل مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي خير دليل على ما نقول به.

تكريم صاحب الجلالة هو تكريم لكل شعب البحرين المستنير الواعي، والذي يمضي قدما في إطار تغيير الأحوال وتبديل الطباع، والسعي نحو تغليب كل ما هو مشترك وسام.

نبارك لصاحب الجلالة وكل شعب البحرين الشقيق.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية